لا شك أن الأولاد قرة عين
الإنسان ومصدر سعادته، بهم تحلو الحياة وتعقد الآمال، فإذا كان الأب يرى في
أولاده العون والامتداد وقوة الجانب؛ فإن الأم ترى فيهم أمل الحياة، وفرحة
القلب، وأمان المستقبل، كل هذا يتوقف على شيء هام جداً، أتدرين ما هو؟


إنه حسن التربية، فإن أحسن الوالدين
تربية ابنائهم؛ فإن خيرهم يعود على والديهم وعلى مجتمعهم والناس أجميعن،
ويتمثل فيهم قول الله تعالى [[الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا]] [الكهف : 46].


أما إن أُهملت تربيتهم، وأُسيء تكوين شخصياتهم؛ كانوا وبالاً على الوالدين، وشراً مستطيراً على المجتمع والناس.

ونحن هنا نوجه حديثنا للأم المسلمة
التي تدرك رسالتها التربوية في الحياة، وتدرك مسؤوليتها في تربية الأولاد
وتكوين شخصياتهم، وهي لا شك مسؤولية أكبر من مسؤولية الأب؛ لقرب الأولاد من
الأم، ولطول الوقت الذي يقضونه معها.


وهذه المسؤولية قد عبَّر عنها القرآن
بقوله تعالى: [[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ]] [التحريم : 6]




وعبر عنها رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله:

[[ كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته... والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ]]. صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

تحمل المسؤولية يعني الصحة النفسية:

من خصائص الشخصية التي تتمتع بالصحة
النفسية قدرة الفرد على تحمل المسؤولية، فالتي تستطيع أن تتحمل الأبناء
وتربيتهم هي شخصية تتمتع بقدر كبير من الصحة النفسية، لأن الهروب من
المسؤولية دليل على عدم النضج وعدم السواء النفسي والشخصي.


ومن هنا كانت الأم مسؤولة عن تربية
أولادها تربية إسلامية، وتنشئتهم التنشئة الصالحة القائمة على مكارم
الإخلاق التي أخبر الرسول الكريم أنه ما بُعث إلى لتميمها وتأصيلها في حياة
الناس [[ إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ]]. صححه الألباني في السلسلة
الصحيحة.




وهنا نقف وقفة مع أنفسنا ونتساءل: ما المرجعية التي نربي عليها أولادنا؟ وما الوسائل التي تساعدنا على تربية أولادنا؟

أولاً: للإجابة على السؤال الأول لا
بد أن تسأل كل أم نفسها هذا السؤال: ما مرجعيتي في تربية أولادي؟ وعلى ماذا
أربيهم؟ وبعد ذلك نقوم بدورنا نحن في الإجابة:


إن المرجعية الأساسية لكل أم مسلمة في تربية أبنائها هى الإسلام بشريعتة الصافية،وبذلك تكون التربية لها أصول واضحة وأهداف سامية.



فعلى ماذا نربي أولادنا إذًا؟

إن الأم المسلمة تربي أولادها على
حسن الخلق واستقامة السلوك، تربيهم على تعظيم شعائر الله، فيتربون على
الصلاة إذا بلغوا سبع سنين، وعلى الارتباط بكتاب الله، والذهاب إلى المسجد
حيث أهل الخير والرفقة الصالحة.


وكذلك يتربون على إحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة سيرته ومغازيه؛ ليأخذ الأولاد منها الصبر والعظات التي تكوِّن شخصيتهم.

ويتربون على حب الآخرين، وصلة الرحم،
والعطف على الضعيف، واحترام الكبير، والرحمة بالصغير، وارتياح لفعل الخير،
وصدق في القول والفعل، ووفاء بالوعد، ويتربون على استقامة السلوك عن طريق:


1- التحذير من التشبه والتقليد الأعمى.

2- عدم الاستغراق في التنعم.

3-الابتعاد عن اللهو الباطل من الغناء والموسيقى والنظر إلى المحرمات.

4-عدم التشبه بالنساء بالنسبة للأولاد.

5- عدم السفور والتبرج والاختلاط بالنسبة للبنات.

6- عدم ارتياد أي مكان فيه منكر أو لهو باطل أو مضيع للأوقات .

وبذلك يتربى الأولاد على الطهارة والعفة والشجاعة والزهد في سفاسف الأمور وملاهي الحياة، كي ينشئوا مسلمين يعيشون للإسلام وبالإسلام.



ثانياً: الوسائل التي تساعدنا على تربية الأبناء هي:

1- التربية بالعادة.

2- التربية بالقدوة .

3- التربية بالموعظة.

4- التربية بالملاحظة.

5- التربية بالعقوبة.

وسوف نركز هنا على الوسيلة الأولى من وسائل التربية، وهي التربية بالعادة.

لأن التربية بالعادة والتأديب منذ الصغر هي من أقوى وسائل التربية في تنشئة الأبناء إيمانياً وخلقياً.

ومن الأمور المقررة في شريعة الإسلام
أن الإنسان مفطور منذ خلقته على التوحيد الخالص والإيمان بالله، مصداقاً
لقوله تعالى: [[ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا
تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ]] [ الروم:30 ]


ومصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: فيما رواه البخاري: [[ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ]].

ومن هنا يأتي دور التعويد والتلقين والتأديب في نشأة الأبناء، وتعويدهم على مكارم الأخلاق وآداب الشرع الحنيف.

وعلى الأم عند تعويد الأبناء على
خصال الخير اتباع أسلوب التشجيع بالكلمة الطيبة حيناً، وبمنح الهدايا
أحياناً، وانتهاج أسلوب الترغيب تارة، واستعمال طريقة الترهيب تارة أخرى.


وقد تضطر الأم في بعض الحالات أن تلجأ إلى العقوبة الزاجرة، إذا رأت فيها مصلحة الأبناء في تقويم الانحراف والاعوجاج.

وعلى الأم أن تميز في إصلاح الأبناء وفي تعويدهم بين سِنَّين: الصغار و الكبار، فكلٌ له منهجه وطريقته في التعليم والتربية.



فمنهج الإسلام في إصلاح الصغار يعتمد على شيئين أساسيين:

1- التلقين وهو الجانب النظري.

2- التعويد وهو الجانب العملي في التربية.

فمن التلقين: أن الرسول الله صلى
الله عليه وسلم أمر المربين أن يلقنوا أولادهم كلمة لا إله إلا الله، ومن
هنا سُن الآذان في أذن المولود.


ومن التعويد: قال صلى الله عليه
وسلم: [[ مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم
أبناء عشر وفرّقوا بينهم في المضاجع ]]. حسنه الألباني في صحيح سنن أبي
داود.


حتى تصبح الصلاة عنده خلقاً وعادة وعندما يبلغ تصبح عبادة



ومنهج الإسلام في إصلاح الكبار يقوم على أسس ثلاثة وهي:

1- الربط بالعقيدة: فيتولد عند
الكبير الشعور بالمراقبة، والخشية من الله في السر والعلن، وهذا يقوِّي في
نفسه الإرادة الذاتية؛ فيكف عن المحرمات، ويتحلى بأكرم الأخلاق .


2- تعرية الشر: يقتنع الكبير بترك
المفاسد، ويعزم كل العزم على التخلي عن الرذائل، بل يكون عنده الطمأيننة
النفسية والقلبية لهجر كل ما هو آثم وفاجر.


3- تغيير البيئة الاجتماعية: فالبئية
الصالحة لها أثرها في إصلاح الفرد وتربيته وإعداده، وسبق أن ذكرنا حديث
الرجل الذي قتل مائة نفس، وجاء يسأل أعلم أهل الأرض هل له من توبة ؟ فكان
الجواب: [[..انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله
معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء .. ]]. رواه مسلم.




عزيزتي الأم المسلمة عوِّدي أبناءك الخير، فإن الخير عادة، وترنمي قول الشاعر :

وينشأ ناشئ القتيان فينا على ما كان عوده أبوه

وما دان الفتى بحجى ولكن يعوده التدين أقربوه

عجبنى هذا الموضوع فنقلته بين ايديكم للاستفادة اتمنى ينال اعجابكم