فتاوي شرعية عامة
تاريخ النشر: الإثنين 6 ديسمبر 2010
مقدمة
زكاة الدَين
مصرف "في سبيل الله"
مقدمة:
نحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نبدأ بسؤال يتردد على كثير من ألسنة الأخوة المشاهدين والمستمعين أنه ظهر في الآونة الأخيرة أو كثرت في الآونة الأخيرة قيام شركات تتعامل بالعملة والتجارة في العملة وما يسمى تعاملها الداخلي أو الخارجي بالبورصات.
فما هو الحكم الشرعي في المساهمة في هذه الشركات؟ وما هي الضوابط الشرعية للاتجار بالعملة بشكل عام؟
القرضاوي:
أما بعد.. فمن واجب المسلم أن يتحرى عن أمور دينه وخصوصاً أمور المعاملات، الدين عبادة ومعاملة، كثير من الناس يهتم بتصحيح عبادته ولا يهتم بتصحيح معاملته، وقد قيل "الدين المعاملة" لابد للمسلم أن يعرف أن ما يكسبه من مال، من حلال وأنه ينفقه أيضاً فيما شرع الله يسأل الإنسان يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، ومن الأشياء التي يسأل عنها الناس كثيراً أعمال البورصة، لا نستطيع أن نقول أن كل أعمال البورصة حلال ولا أن كل أعمالها حرام، والاتجار في العملة بصفة معينة أيضاً يمكن أن يكون صحيحاً ويمكن أن يكون فاسداً، ممكن أن يكون حلالاً ويمكن أن يكون حراماً إذا استوفى الشروط، ومن هذه الشروط أنه إذا باع عملة بعملة مثلاً درهم إماراتي بدولار أمريكي أو بجنيه إسترليني أو بجنيه مصري لابد أن يكون ذلك يداً بيد، كما جاء في الحديث "إذا اختلف الجنسان فبيعوا واشتروا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" وكما يقال "خذ وهات" فالتأجيل في هذه القضية ممنوع لأنه يترتب عليه أن قد يكون وراءها ربا أما إذا كان القبض في المجلس فوريا، أي بالتقابض، يدفع ويأخذ وفي عصرنا أجيز أن يكون الشيك مقابل النقد، الشيك طالما أنه قابلا للصرف، فإذا أعطيته شيكاً فكأنك أعطيته نقوداً، أصبح من حقه ويصرفه متى يشاء، وأجاز فقهاء العصر أنه يمكن أن يصرف الشيك بعد يومين، مثلاً نفرض أنه أخذ الشيك يوم الخميس فينـتظر الخميس والجمعة ويصرفه يوم السبت، أو لو كان في بلد أجنبي وأخذه يوم السبت فهم لديهم السبت والأحد إجازة، فأبيح له أن يصرفه بعد 48 ساعة أو 72 ساعة أو حتى بعد 96 ساعة، لأن هذا حكم الضرورة، وللضرورات أحكامها إذا استوفى الإنسان هذا ولم يكن هناك مجازفات، أحياناً بعض الناس تجازف والإسلام لا يقبل للمسلم أن يجازف بماله مجازفة خطيرة قد تذهب بمعظم ماله، نُهينا عن إضاعة المال، فلابد أن يكون هذا أيضاً بحساب، أما إذا كان يـبيع ويشتري بهذه الضوابط فلا حرج فيه إن شاء الله.
إلى أعلى
المقدم:
قبل بدء البرنامج أتتني أسئلة تدور حول مصرف الزكاة، مصرف "في سبيل الله" هل يندرج تحت هذا المصرف إنشاء المدارس والمراكز الإسلامية والمساجد وغيرها أم أنه محصور فقط في الجهاد؟
القرضاوي:
جمهور الفقهاء فسروا هذا المصرف الذي جاء في الآية رقم 60 من سورة التوبة (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) والمصرف السابع في هذه الآية من المصارف الثمانية هو "في سبيل الله" ما المراد بسبيل الله؟ جمهور الفقهاء قالوا أن "في سبيل الله" أي في الجهاد، لأن هذه اللفظة اشتهرت في النصوص الشرعية، إذا قيل "في سبيل الله" أي في الجهاد، كما قال سيدنا عمر "حملت على فرس في سبيل الله" يقصد في الجهاد، ورأى الصحابة رجلاً جلداً نشيطاً مفتول الذراعين فقالوا "لو كان جلده ونشاطه في سبيل الله" يقصدون لو استعمل هذه القوة البدنية في الجهاد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن كان يسعى على أبوين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على أولاده فهو في سبيل الله..الخ"، فيعتبر هذا بمثابة الجهاد، فالفقهاء صرفوا هذا المعنى إلى الجهاد، "في سبيل الله" أي في الجهاد، ولكن ورد عند بعض مفسري السلف قالوا أن "في سبيل الله" يشمل كل مصلحة للمسلمين دينية أو دنيوية، يشمل سائر القُرب وسائر المصالح، الشيخ رشيد رضا قال "في سبيل الله" يقصد المصالح التي تعود على الدين بالقوة وعلى الدولة بالقوة، وهي المصالح العامة التي من شأنها أن تعلي كلمة الإسلام، وليست أي مصالح، كما جاء في الحديث عندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم "الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل حمية ـ عصبية ـ والرجل يقاتل ليُرى مكانه ـ ليقول الناس عنه هذا بطل من الأبطال ـ، فأيهم في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" فكل عمل من شأنه أن يعلي كلمة الإسلام فهو في سبيل الله، وهذا اختاره الشيخ شلتوت أيضاً في تفسيره وأنا لي تفسير قريب من هذا أو ترجيح، أقول: أنا مع الفقهاء في أن "في سبيل الله" هي الجهاد وإلا لشمل كل هذه المصارف، إذا كان "في سبيل الله" كل طاعة فيدخل فيها الفقراء والمساكين والعاملين عليها.. فهي كلها طاعات، فما السر في التنويع؟ لابد أن يكون للتنويع معنى، البليغ لا يصدر كلامه على عوائنه، وإنما يقصد بكل كلمة معنى، فكيف بأبلغ الكلام وهو كلام الله المعجز فلذلك أنا مع جمهور الفقهاء أن المراد "في سبيل الله" هو الجهاد ولكني أتوسع في تفسير معنى الجهاد، ما المقصود بالجهاد؟ هل الجهاد فقط هو الجهاد العسكري أي الجهاد بالسلاح؟ نحن نعرف أن الأمة الإسلامية الآن أعظم ما تشكو منه هو ما نسميه الغزو الفكري، الغزو الثقافي، الغزو الاجتماعي، هذا الغزو هو أشد من الغزو العسكري، فنحن أيضاً المفروض أن نحاول أن نجاهد في سبيل الله عن طريق الناحية الفكرية والناحية الثقافية والناحية التربوية، فقد يكون إقامة مدرسة إسلامية هي من الجهاد، لأنك تحافظ على الشخصية المسلمة للأولاد وتقاوم المدارس التبشيرية والتنصيرية، وهكذا. وقد يكون إقامة مسجد في بلد معين هو في سبيل الله خصوصاً البلاد الفقيرة، في بنغلادش وفي الهند ففي بعض البلاد الناس يصلون في أماكن لا تتسع لهم، يصلون في الشارع يصلون في مساجد غير لائقة، ولا يجدون فيها ماء يتوضأون منه، فعندما تقيم مسجداً فأنت تحافظ على الشخصية الإسلامية، كأن المسجد في هذه الحالة قلعة للجاليات الإسلامية، أحيانا يكون المسلمون أقلية وتجد إنشاء المسجد وإنشاء المدرسة وإنشاء مركز إسلامي يساعدهم على ذلك، ولذلك المجمع الفقهي اعتبر الدعوة أيضاً من الجهاد في سبيل الله اعتبر ما ينفق على الدعوة إلى الله هو من مصرف "في سبيل الله"، والله سبحانه وتعالى حينما قال (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاد كبيراً) "به" تعود إلى القرآن، أي أن هناك جهاداً بالقرآن، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول "جاهدوا المشركين بأيديكم وأموالكم وألسنـتكم" يعني الجهاد بالدعوة والبيان فهذا ممكن لإنشاء المدارس والمساجد ومراكز الدعوة ونشر الكتب الإسلامية وتفريغ دعاة إلى الله وخصوصاً في الأماكن المحتاجة إلى هذا، فأنا لا آتي إلى أبوظبي التي فيها مساجد كثيرة ما شاء الله، وإنما أذهب للبلاد المحتاجة وأقيم فيها مسجد فأنا هنا أحصن المسلمين، أبني حصناً بالمدرسة وبالمسجد وبالمكتبة الإسلامية وبمركز الدعوة لأني أقيم قلعة إسلامية للدفاع عن الإسلام والحفاظ على الشخصية الإسلامية من التيارات الهدامة.
إلى أعلى
مشاهدة من المغرب:
جزاكم الله خيراً على هذا البرنامج وأسأل عن القرض بالفائدة، عندنا بقعة أرض ونريد أن نبنيها ولكن لا مدخول آخر غير الأجرة التي نكسبها وتكفي فقط لعيش العائلة، وإذا أردنا أن نبني هذه البقعة فلابد لنا من قرض، ولكن القرض بالفائدة ونعلم أن الفائدة حرام، ودائماً هذه المشكلة تحيرنا، فأفتونا جزاكم الله خيراً، هل نغامر ونبني هذه البقعة للسكن، ونحن بعد عشر سنوات سنحال على التقاعد؟ أم ننـتظر فرج الله تعالى في حل هذه المشكلة؟
المقدم:
الاقتراض يا شيخنا، دائماً الكثير من الناس يعتذر بالضرورة -لعل سؤال الأخت هو من الضرورات وهو بناء المسكن- ولا يجد باباً لأن يقرضه أحد، فهل يجوز له أن يلجأ إلى البنك الربوي ويقترض منه؟
القرضاوي:
لاشك أن الربا من كبائر المحرمات، من الموبقات السبع، والله تعالى لم يذكر معصية من المعاصي كما ذكر الربا في القرآن (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) ولكن هذا فيمن يأخذ الفائدة، من يعطي ماله ويأخذ الفائدة ولكن من يؤكِل الربا وهو من يقترض بفائدة أخف فهو معين على الربا، ولكن النصوص القرآنية كلها جاءت في أكل الربا وهو أخذ الفائدة على المال، فالاقتراض بفائدة أو الاستقراض بفائدة أجازه العلماء للضرورات لأن هذه قاعدة عامة هي قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" وأصلها في القرآن، حينما ذكر القرآن الأطعمة المحرمة من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهِّل به لغير الله قال (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) وهذا مذكور في آيات أربع في كتاب الله آيتان مكيتان وآيتان مدنيتان، فأجاز أكل هذه الأطعمة المحرمة عند الضرورة، فهذه قاعدة ولكن تكملها وتضبطها قاعدة أخرى ذكرها الفقهاء وهي قاعدة "أن ما أبيح للضرورة يُقدَّر بقدرها" يعني لا يتوسع الإنسان في الضرورة ويعتبر الضرورة أصل، لا، الضرورة تظل استثناء، فالإنسان هو الذي يُقدِّر الضرورة، أنا كل ما أحذِّر منه، أن بعض الناس يتوسع في معنى الضرورة، فقد قال لي أحدهم ذات مرة: والله أنا مضطر لأن آخذ بربا من البنك، فقلت له: لماذا؟ قال: والله أنا عامل برج 20 دور وأنهيت منه 15 دور وباقي 5 أدوار فيجب أن أنهي ألـ 5 أدوار هذه ويجب أن آخذ قرض من البنك.
فهل هذه ضرورة؟ الضرورة هي التي لا يعيش الإنسان إلا بها وبدونها يهلك، وبالنسبة للأخت فالمسكن من الضرورات قطعاً، فالإنسان لابد له من مأكل ومشرب وملبس ومسكن يأوي إليه، فإذا لم تجد وسيلة من الوسائل، ولم تجد من يقرضها قرضاً حسناً، لم تجد شيئاً فائضاً عن حوائجها الأصلية تبيعه، فمن الممكن أن يكون لدى الواحد منا شيئاً يـبيعه ويستغني عنه فإذا لم يكن لديها شيئاً فائضاً وسُدت أمامها الأبواب، في هذه الحالة نبيح لها أن تأخذ هذا القرض لهذه الضرورة، وتأخذ ما لابد منه، فإن كان يكفيها 10 آلاف فلا تأخذ 15 ألف، وإن كانت تستطيع أن تسدده في 5 سنوات لا تجعله لـ 7 سنوات أو 10 سنوات، يعني أقل ما يمكن من الضرورة، وتسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لها وأن يسدد عنها إن شاء الله.
إلى أعلى
مشاهد:
أنا سمعت حديث لك بخصوص الأسهم، وقلت أن الزكاة ممكن أن تخرج على العائد الذي يأتي من الأسهم، فهل يمكن أن نقيس على ذلك مثلاً رأس مال أو مال في بنك من البنوك يعطي عائد ربع سنوي؟ هل ممكن أن نخرج الزكاة على هذا العائد؟ أم لابد أن يكون على رأس المال؟
هذا بالنسبة للسؤال الأول، أما السؤال الثاني فبالنسبة للبنوك هناك بنوك إسلامية وبنوك تجارية، سمعنا البعض يقول أن البنوك الإسلامية هي الأخرى تأخذ هذا المال وفي الآخر يكون محسوب تماماً بحيث أن البنوك الإسلامية تعطي تماماً كما تعطي البنوك التجارية، ففي هذه الحالة وطالما أننا سمعنا الكثير يقول هذا الكلام هل معنى ذلك أن وضع الأموال في أي بنك يتساوى في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيرا.
القرضاوي:
بالنسبة للسؤال عن الأسهم، قلنا أن الأسهم نحن اعتبرناها قياساً على الأرض الزراعية، أي الخارج من الأرض الزراعية، اعتبرنا الأسهم مثل الأرض وربحها الصافي مثل الثمر الخارج من الأرض وقلنا لو أن واحد لديه 100 ألف واشترى بها عقار وآخر اشترى بها أرضاً زراعية وآخر اشترى بها أسهماً، أنا أرى أن في هذه الثلاثة أو أُرجِّح أن الزكاة في الثمرة العائدة منها. وبنسبة 10% من الصافي، أما الودائع التي يودعها الإنسان في البنك ولفترة قد تقصر أو تطول، 3 أشهر أو 6 أشهر أو سنة فهذه لا تأخذ حكم الأسهم التي يقتنيها الإنسان ليأخذ من عائدها ولذلك أنا أفرِّق بين الأسهم التي يتاجر بها والأسهم التي يقتنيها ليأخذ من عائدها. أنا قلت في التجارة وفي الأسهم أي شخص يشتري أسهم وعندما يجد أن السعر قد ارتفع يبيعها ويشتري غيرها وهكذا فهذا يتاجر وهذه تأخذ حكم عروض التجارة ويخرج عنها 2.5% من قيمتها السوقية عند الحول، كذلك نفس الشيء بالنسبة لمن يودع ماله لفترة مؤقتة، هذه أموال في يده بدل أن يضعها في صندوقه قال أودعها، فهذه لها زكاة المال العادي وهي ربع العشر أو 2.5% أو 25 في الألف فهذا ما أراه.
المقدم:
بالنسبة للسؤال الثاني عن الشبهة التي تقول أنه مادمت نفس الفائدة أو الحصة التي تعطيها البنوك الإسلامية كالبنوك التجارية كأنها متساوية فلم التفريق؟
القرضاوي:
في الحقيقة هذا ليس مُسلَّماً به، البنوك الإسلامية تختلف في هذا الأمر، فأنا أعرف في بنك التقوى وأنا رئيس هيئة رقابته الشرعية، يعطي كل سنة حوالي 9.5% ، 10% وهناك بنوك أخرى تعطي 6% ونحو ذلك. ونحن نعلم أن البنوك الإسلامية تعمل في جزيرة وسط بحر من البنوك الربوية، فالبنوك الربوية أكثر عدداً وأشد قوة فلذلك البنوك الإسلامية حينما تعمل خصوصاً في مسألة مثل المرابحة، بعض البنوك الإسلامية تشتغل في المرابحة بمعظم أموالها، المرابحة عبارة عن ماذا؟ يعني واحد يريد أن يشتري بضاعة أو أجهزة أو أي شيء من أوروبا هذا آمر بالشراء والبنك يشتري له، يتملك السلعة، ويتسلمها وبعد ذلك يـبيعها له بربح معين على أجل معلوم، البنك هنا لا يستطيع أن يربح أكثر من البنك الربوي وهنا قد يقول شخص لو أخذت تمويل من البنك الربوي ما يأخذ مني هذا الشيء فكيف تأخذ أنت مني أكثر، يجب أن يرى البنك الإسلامي ماذا تفعل البنوك الربوية ويحاول أن يكون بيع المرابحة أو الربح الذي يأخذه مساوياً أو مقارباً للبنوك الربوية. البنك الإسلامي مضطر أن يجاريهم حتى لا ينصرف عنه العملاء إنما هذا لا يعني أن البنك الإسلامي كما يشير بعض الناس أنه يضع أمواله في بنوك ربوية، هذه خرافة لا يستطيع البنك الإسلامي أن يفعل هذا، قانونه لا يبيح له هذا، مجلس إدارته لا يمكن أن يقبل هذا، هيئة الرقابة الشرعية فيه لا تجيز له هذا بحال من الأحوال، إنما هي معاملات بهذا النوع، مرابحة، مضاربة، مشاركة، بيع الاستصناع، بيع الإيجار مع التمليك.. إلخ.
إلى أعلى
مشاهد:
سؤالي يتعلق بالاستنساخ: صدر هناك فتوى بتحريم الاستنساخ، ما رأي العلماء بعملية الاستنساخ بحد ذاتها، لأن الله سبحانه وتعالى قال (ما فرطنا في الكتاب من شيء).
وهناك أمر ثان: ما رأي الشيخ بأن الاستنساخ هو رد حاسم على النصارى الذين يقولون أن المسيح هو الله لأنه ولد من دون أب، وعملية الاستنساخ هي عملية يأتي فيها المولود بهذه الطريقة وكذلك على عموم المشركين حيث أن عملية الاستنساخ وردت في القرآن وهي ولادة سيدنا عيسى عليه السلام من أمه مريم بدون أب.
الأمر الثالث: بما أن هناك ظواهر ذكرها القرآن الكريم كآيات معجزة في وقتها وأصبحت الآن ممكنة مع تطور العلم، مثل تكلم الحديد وولادة سيدنا عيسى، إذن هناك ظواهر ذكرها القرآن، مثل خلق حواء من آدم، وولادة العجوز العقيم، والمعراج والتي لم يستأثر الله علمها بنفسه مع تطور العلم ممكن في وقت من الأوقات أن يقوم بهذه الأمور، فما رأي الشيخ في ذلك.
القرضاوي:
بالنسبة للاستنساخ، الاستنساخ في النبات لا مانع منه، وأيضاً حتى في الحيوان، وهو نوع من تحسين السلالة أو نحو ذلك.. إنما دخول الاستنساخ في عالم الإنسان هو الممنوع، لأن معنى الاستنساخ أخذ خلية وتحويلها بطريقة ما إلى البشر المأخوذة منه هذه الخلية ويمكن استحداث صور عديدة لهذا الشخص، فهذا مرفوض ديناً لأن الله سبحانه وتعالى خلق الكون على أساس التنوع، مختلفاً ألوانه، أما أن نعمل من الإنسان نسخ فهذا مفسدة للحياة، كيف يستطيع الإنسان لو كان مدرس في فصل أن يفرِّق بين زيد وعبيد، وفي الامتحان كيف يفرِّق هذا من ذاك كيف يفرِّق بين أولاده، كيف تفرِّق المرأة زوجها من غيره، وكيف يفرِّق الزوج بين امرأته من غيرها، كيف يفرِّق القاضي بين المتهمين، هذه مفسدة وهذا يدخل أيضاً فيه نوع من التغيير في خلق الله، الشيطان جعل من وسائله تغيير الفطرة قال (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) والناس إذا غيروا فطرة الله فسدت الحياة، الأَولى أن تبقى الحياة كما فطرها الله عليه، تدخُّل الإنسان في الفطرة يفسدها، خصوصاً التدخل في الحياة الإنسانية، ومن ناحية أخرى أنهم يقولون أن الإنسان ممكن أن يستغني بجنس واحد عن الجنس الآخر، ربنا جعل الزواج وهو اللقاء بين الرجل والمرأة هو أساس التناسل، وهم يقولون أننا لا نحتاج الزواج ولا التناسل لبقاء النوع وهذه مفسدة كبرى لأن الله خلق الكون على أساس ظاهرة الزوجية، سنة الزوجية (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض، ومن أنفسهم، ومما لا يعلمون) حتى في الكهرباء يوجد موجب وسالب، حتى في الذرة التي هي أساس البناء الكوني يوجد بروتون وإلكترون أي شحنة كهربائية موجبة وشحنة كهربائية سالبة، فهذا الازدواج هو الأساس وهؤلاء يريدون أن يمنعوا هذا الازدواج، كيف يعيش الناس رجالاً بلا نساء أو نساءً بلا رجال، ومن الممكن أن يستغلها بعض الناس فيما يضر الحياة البشرية، ممكن بعض الدول الكبرى مثل أمريكا كما حظروا على الدول الصغيرة أن تملك الأسلحة النووية، تأتي دولة وتحظر على الناس أن تستعمل الاستنساخ وهي تستنسخ جيش قوي من العمالقة، تحضر أناس أقوياء وتستنسخ منهم.
المقدم:
الآن يا شيخنا، يريد دكتور أمريكي أن يستنسخ في الإنسان لعمل قطع غيار إنساني، القلب، الأعضاء..
القرضاوي:
أي نستنسخ إنسان ثم نقتله لنأخذ الأعضاء؟ هذا لا يجوز، الإنسان ليس سلعة.
المقدم:
بقية الأسئلة تكاد تكون مترابطة وتدل على نفس المعنى يقول ما رأي فضيلتكم أن الاستنساخ رد على النصارى في ولادة سيدنا عيسى من غير أب وكذلك بعد ظهور التطور العلمي بظهور هذه الأشياء التكنولوجية مثل تكلم الحديد وغيره دلالة على ورد في القرآن الكريم من آيات مثل عصا موسى وغيره من الآيات المعجزة والفصل بين هذه وتلك؟
القرضاوي:
ولادة عيسى عليه السلام من غير أب هذه آية من آيات الله، قال الله تعالى (ولنجعلنه آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً) فربنا سبحانه وتعالى خلقه من غير نطفة أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم، ولذلك القرآن يقول (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) فهذا خارج عن نطاق البشر، عن تعليم البشر، الله يعلِّم البشر ما لم يعلموا (علم الإنسان ما لم يعلم) التطور العلمي هذا من تعليم الله سبحانه وتعالى للإنسان ومن إعطائه القدرة للإنسان والموهبة للإنسان، ولكن هذه الآيات لا تدخل تحت قدرة البشر لا يستطيع العلم أنه يحول العصا إلى حية، حتى هذا الاستنساخ هو يأخذ خلية حية، مَن الذي خلق هذه الخلية الحية؟ الله سبحانه وتعالى نحن لم نخلق هذه الخلية الحية، نحن نأخذ من خلق الله ونصنع منه.
المقدم:
هو يقصد هل من الممكن أن تستخدم دليل في الرد على النصارى؟
القرضاوي:
لا تستخدم كدليل، إنما نحن نقول حتى عيسى وإن كان خلق من غير أب، هذا لا يجعلنا نؤلهه "نجعله إلها" وإلا كنا نؤله آدم عليه السلام، إنما ممكن الاستنساخ أن نستخدمه في الرد على منكري البعث يوم القيامة قال (وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم) كيف الإنسان بعد أن يموت يرجع مرة أخرى؟
هذا الاستنساخ يعني أنه بخلية صغيرة جداً يمكن أن نستنسخ منها الإنسان، وورد في الحديث أن الإنسان يفنى كله إلا شيء يسمى عُجب الذنب يعني شيء في العصعص في الظهر وهي ذرة معينة تبقى، فممكن تستنسخ، هذا قرَّب إلينا هذا الأمر ويستفيد منه أهل الدين في تقريب هذا الأمر إلى من ينكرون المعاد الجسماني وأن الله يـبعث مَن في القبور ويحيي الموتى.
إلى أعلى
مشاهدة من الجزائر:
سؤالي هو: سيدة ذهبت في شهر رمضان إلى طبيبة أخصائية نساء وأجرت فحصاً على رحمها وهذا يتم بكشف العورة فهل هذا الفحص يـبطل صيام ذلك اليوم الذي تم فيه الفحص، أم لا؟ وكذلك الصلاة بعد الفحص فهل يجب الاستحمام كافة الجسم، وعمل الوضوء الأكبر أم تكتفي بالوضوء الأصغر فقط؟ وجزاكم الله خيراً.
القرضاوي:
هناك بعض الفقهاء يقولون حتى لو هي أدخلت يدها في فرجها أو حتى لو شخص يستنجي وأدخل مقدار عقلة إصبع في دبره، فهذا يفطر وعلى هذا قالوا أن الحقنة الشرجية تفطر..الخ.
ولكن في الحقيقة أنا لا أجد شيئاً من هذا يفطر، أنا مع شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته عن الصيام الذي قال: أن كل هذه الأشياء لا تفطر وفي الحقيقة لا يوجددليل على أنها تفطر لا من القرآن ولا من السنة، القرآن ذكر أشياء ثلاثة هي المفطرة وهي التي ينبغي أن يمتنع الإنسان عنها، أنه قال (الآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتموا الصيام إلى الليل) الصيام عن هذه الأشياء الثلاثة الأكل والشرب ومباشرة النساء، والحديث جاء عن الصائم "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه من أجلي ويدع شرابه من أجلي ويدع لذته -أو زوجته- من أجلي" فهذا هو الصيام حتى من ناحية الحكمة واضح وهو الحرمان من الشهوات، إنما هذه تكشف لضرورة طبية فهذا لا يبطل الصوم وبالنسبة للوضوء فهي يجب أن تتوضأ ولا يجب عليها الغسل الأكبر، لأنها ما أنزلت ولا شيء وإنما يجب عليها الوضوء.
إلى أعلى
مشاهدة من المغرب:
السؤال الأول: المرأة التي تلد في شهر رمضان وتفطر فيه هل يجوز لها أن ترد هذا الشهر؟
السؤال الثاني: هل يجوز للزوجة أن تحج بمال زوجها المتوفى ولديها أبناء؟
السؤال الثالث: الفتاة التي تؤدي الصوم بنية حسنة وتصلي وتقرأ القرآن ولكن لا ترتدي الحجاب فما الحكم الشرعي في هذا؟
القرضاوي:
بالنسبة للسؤال الأول: الحيض والنفاس يجب قضاء الأيام التي تفطرها المسلمة في هذا الشهر لأن النفاس حكمه حكم الحيض والسيدة عائشة كانت تقول "كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" فما فاتها من صلاة في أيام النفاس لا تقضيه ولكن ما فاتها من الصيام في مدة النفاس ـ وهي الأيام التي ينزل فيها الدم ـ يجب عليها أن تفطرها وهذه ليست رخصة وإنما يجب أن تفطرها إلى أن ينقطع عنها الدم والذي يمكن أن ينقطع عنها بعد شهر، ويمكن أن ينقطع عنها بعد 40 يوم، ويمكن أن ينقطع بعد أسبوع أو بعد يوم واحد، حينما ينقطع الدم يجب عليها أن تصلي وإذا أمكنها الصيام فيجب عليها الصيام، إنما قد يكون ضعف الولادة يجيز لها الإفطار للضعف ولكن عندما تقدر على الصيام يجب عليها الصيام، والأيام التي أفطرتها يجب عليها أن تقضيها، الأخت تقول "يجوز" لا، وإنما يجب عليها أن تقضي هذه الأيام، هذا بالنسبة للسؤال الأول.
بالنسبة للسؤال الثاني: بعد أن يتوفى الزوج ينتقل المال من ملكية الزوج إلى ملكية الورثة هي ترث الثُمن إن كان لها أولاد تستطيع أن تحج من الثُمن الذي تملكه. إذا كان أولادها كباراً وتبرعوا لها بالحج تستطيع أن تحج بمالهم إذا كان أولادها صغاراً يتامى لا تملك أن تحج من مالهم لأن هذا نوع من التبرع ولا يجوز التبرع بمال اليتامى، إنما لو كبر الأولاد وأجازوا لها ذلك فمن الممكن ذلك، إن هذا المال لم يعد مال الزوج هو مال هؤلاء اليتامى، مال اليتامى مُضيَّق فيه فلا يجوز أن تحج من مالهم وهم إذا كانوا صغاراً وأذنوا لها فإذنهم لا يعتبر فلا تملك أن تحج من مال الأيتام الصغار.
المقدم:
لو كانوا صغاراً وكانت حصتها أو نصيبها في التركة يغطي نفقة الحج؟
القرضاوي:
إذن تحج من مالها، أي إذا كان الثُمن الذي ورثته فيه من السعة أن تحج منه فتحج به، وهي تحج من مالها الآن وليس من مال زوجها المتوفى.
المقدم:
ولو زادت التكاليف عن الثُمن الذي ورثته لا يجوز لها أن تأخذ إلا بموافقة بقية الورثة؟
القرضاوي:
نعم، ولكن قلنا لو كان الأولاد صغاراً فلا إذن لهم والمفروض أن المال ـ بعد وفاة المورِّث ـ يقسَّم وكل واحد يأخذ حقه فإذا كانت وصية على أولادها الصغار فلا يجوز لها أن تحج من مالهم.
المقدم:
السؤال الثالث تكرر من أكثر من أخت وهي الفتاة التي تصلي وتصوم وتتجه بقلبها إلى الله سبحانه وتعالى ولكنها لا تلتزم بالحجاب فما رأي فضيلتكم؟
القرضاوي:
طبعاً نحن نطالب كل مسلمة أن تلتزم بالحجاب لأن هذا الحجاب هو فرض من الله تبارك وتعالى ليس كما يقول بعض الأدعياء أن هذا الحجاب هو عادة من العادات، الحجاب بمعنى غطاء الرأس والشعر والرقبة ولبس الملابس السابغة بحيث لا يظهر من بدنها إلا الوجه والكفان وبعض العلماء أضافوا إلى الوجه والكفين القدمين، هذا الحجاب فرض على المسلمة، والله سبحانه وتعالى يقول: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن) الخمار هو غطاء الرأس (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) الجيب هي فتحة الصدر، كانت المرأة في الجاهلية تفتح صدرها لتظهر القلائد والحلي وجاء الإسلام وقال لابد أن يكون الخمار من السعة والطول بحيث يغطي هذا الجيب (فتحة الصدر) هذا في سورة النور، وجاء في سورة الأحزاب (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) الحجاب فرض والمسلمة يجب أن تلتزم بالحجاب، إنما قد تكون ضعيفة، لم تقو عزيمتها بعد على هذا الأمر، ليس معنى هذا أن نقول لها اتركي الصلاة والصوم مادمت غير محجبة، لا، لابد أن نقول لها استمسكي بالصوم واستمسكي بالصلاة واستمسكي بحرصك على الدين واجتهدي إن شاء الله أن تتحجبي، اذكر في مرة عندما كنت في الجزائر وفي أيام صحوة الجزائر الكبرى وكنت في مسكن للطالبات الجامعيات في مدينة قسطنطينية وجاء آلاف من الطالبات ليحضرن إلى محاضرتي في الليل، وكان كثير منهن غير محجبات، فسألتني طالبة: ما رأيك في الطالبة التي تستمع إلى المحاضرات الإسلامية وهي غير محجبة؟ وكأنها تريدني أن أقول لها هي في جهنم وبئس المصير، ولكني لم أقل ذلك قلت لها نحن نرحب بها في المحاضرات الإسلامية نشجعها على هذا ونعتقد أن الذي دفعها إلى حضور هذه المحاضرات هو بقية من بقايا الإيمان والخير في نفسها ونعتقد أنها إن شاء الله ستصير إلى خير، وهل أنت أيتها السائلة ولدت محجبة؟ الحجاب وصل إلى الجزائر منذ سنوات قليلة، والفتيات قبل ذلك كن كلهن أشبه بالفرنسيات كذلك كنتم من قبل فمَنَّ الله عليكم، فأثَّر هذا جدا في نفوس الطالبات حتى سالت دموع بعضهن على خدودهن، فنحن نرفض أن تكون هذه الأخت التي تصلي وتصوم وتحرص على الالتزام بالدين ولكنها ضعيفة في مسألة الحجاب نسأل الله أن يقوي عزيمتها إن شاء الله حتى يكون التزامها كاملاً.
إلى أعلى
مشاهدة من السودان:
أحب أن أسأل الشيخ القرضاوي عن ملحوظة كتبها في كتابة "فقه الصيام" بخصوص أن سيدنا الحسن رضي الله عنه كان لا يرى بأس بالصَعود ما لم يصل إلى الحلق، نرجو أن يوضح لنا ذلك. وكذلك بالنسبة لحكم المكيِّفات عموماً مثل الصَعود ولزقة النيكوتين التي ترشح النيكوتين في الدم.
القرضاوي:
كان الحسن البصري والبعض يستنشق بعض هذه الأشياء وكان بعض الناس يستعمل النشوق، لكني أرى أن هذه الأشياء إذا دخلت فيما يسمى كيف ومزاج وأصبحت عادة وشهوة من الشهوات أرى أن الصيام لا يتم إلا بالامتناع عن هذه الأشياء ولذلك أجمع علماء العصر على أن التدخين مفطر، إنها شهوة من الشهوات، فالمسلم كما يمتنع عن الأكل والشرب يمتنع عن هذه الأشياء لأنها شهوة من الشهوات الممنوعة والمضرة أيضاً، والمسلم في الحقيقة يتدرب ويتمرن على أنه يقلل من هذا الشيء أو لعل صيام رمضان يقوِّي إرادته فيترك هذا الأمر الضار بالصحة، الضار بالبدن، والضار بالنفس والضار بالمال، والضار بالمجتمع، عسى أن يكون الصيام مقوياً له على تركه نهائياً.
إلى أعلى
المقدم:
فضيلة الشيخ هناك سؤال من الأسئلة التي وردت إلينا، يسأل عن زكاة الدَين إذا كان الدَين يستغرق المال الذي عنده وأحياناً قد لا يكون في حاجة إلى أن يستدين لأمر ضروري وإنما ليوسع على نفسه في الأمور فيستدين أموال تستوعب هذا المال الذي عنده، فما حكم الزكاة؟
القرضاوي:
الديون نوعان: هناك ديون طويلة الأجل، أحياناً الدولة تعطي بعض الناس لبناء مسكناً وتقول له أن يسدده في 20 أو 30 سنة وهو مثلاً مليون ريال أو مليون درهم، هذا الدين الطويل لا يمنع الزكاة وإلا معنى هذا أنه يظل إلى ما شاء الله من السنين، يكون عنده مال ويقول أنا مدين بمثله أو بأكثر منه، إنما يُسقِط هذا الدَين الزكاة في قسطه السنوي، افرض يكون عليه في الشهر 2000 درهم وفي السنة 24000 درهم يمنع الزكاة بمقدار 24000 درهم، إنما الدين طويل الأجل فهذا لا يمنع الزكاة، أما الديون قصيرة الأجل فهي تمنع الزكاة، ما لم يكن قاصداً أنه يستدين ليمنع الزكاة، إذا كانت حيلة فيقول أستدين حتى لا أدفع الزكاة وهو ليس في حاجة إلى الدَين فهنا نعامله بنقيض قصده، هنا مادام مديناً بأكثر مما يملك أو لم يبقى له نصاب أو أكثر من نصاب فلا زكاة عليه حتى يقضي هذا الدين.
إلى أعلى
مشاهدة:
بالنسبة لزكاة المساكن، عندي بيت وساكنين فيه وأرض ما زالت تُبنى، فما الزكاة الواجبة هنا، علماً بأن الأرض سوف نبني عليها مكان تجاري وليست للسكن.
سؤال آخر: أخواتي غير متزوجات وأبي متوفى رحمة الله عليه ومعهم ذهب، فما هي الزكاة الواجبة هنا على الذهب؟
القرضاوي:
بالنسبة للسؤال الأول وهو زكاة المساكن، الإسلام أعفى الحاجات الأصلية من الزكاة فلو كان الإنسان عنده أشياء، يملك بيتاً، عنده أثاث في البيت، عنده سيارة يركبها، عنده ملابس يلبسها هذه الأشياء للاستهلاك الشخصي وللاستمتاع الشخصي ولم يوجب الإسلام فيها زكاة، في عالم الضرائب الإنسان ممكن يدفع ضريبة على البيت الذي يسكنه، إنما الإسلام أعفى هذه الأشياء من الزكاة، وهي الحوائج الأصلية بل اشترط أن النصاب يكون فائضا عن الحوائج الأصلية، النصاب الذي تجب فيه الزكاة له عدة شروط منها تمام الملك ومنها أن يكون فاضلاً عن الحوائج الأصلية، فالحوائج الأصلية لا تُزكَّى، كذلك لو كانوا يبنون دكاناً مثلاً، فهذا ليس عليه شيء حالياً طالما أنه في طور الإنشاء، أما عندما يصبح دكاناً يخرج منه زكاة الدكاكين، إذا أجَّروه دكاناً هنا أقول بالنسبة لإيجار البيوت أو الدكاكين أو من كان عنده شيء يخرج الزكاة 10% عن صافي الغلة التي تصله.
المقدم:
بالنسبة للسؤال الثاني عن زكاة الحلي وكما فهمت من السؤال أن أخواتها عندما توفي والدهم لم يكن لديهم مال، بل يؤتى لهم بمال وعندهم الحلي فهل يخرجوا زكاة الحلي من هذا المال الذي يأتي إليهم؟
القرضاوي:
الأصل أن الحلي كما هو مذهب الأئمة الثلاثة الإمام مالك، والشافعي وأحمد ومذهب جمهور الصحابة أنه لا زكاة في الحلي، لم يثبت حديث صحيح صريح يوجب الزكاة فيالحلي، الإمام أبو حنيفة أوجب الزكاة في الحلي إنما الأئمة الثلاثة وهذا ما رجحته في كتابي "فقه الزكاة" إن الحلي ليس فيها زكاة، إذا كانت الحلي مستعملة ومعتادة لمثل هذه المرأة، إنما الحلي التي لا تستعمل، مثلا سيدة ورثت حلياً من جدتها، موضتها قديمة لا تستخدمها أو حلي مكسورة، فهذه ثروة مكنوزة، أو كما يقول بعض الناس أنه ثروة للزمن أو أنها تشتري هذه الحلي كثروة مدخرة لا تدري ماذا يحدث في المستقبل، هذه ثروة مكنوزة، إنما الحلي التي تستخدمها المرأة يومياً أو في المناسبات مثل الأعياد أو الأعراس أو زيارات معينة لبعض الأقارب، المهم أنه يستعمل فهذا لا زكاة فيه إذا لم يخرج عن المعتاد أي أن يكون معتاداً لمثل هذه المرأة في مثل بيئتها، لأن الشيء المعتاد هنا في أبو ظبي أو بلاد الخليج يكون للمرأة في بنغلادش شيء كبير وهائل، ثروة، إنما إذا كان من المعتاد فما تلبسه المرأة الغنية يختلف عما تلبسه المرأة الفقيرة، فإذا كان معتاداً لمثلها في مثل وسطها وبيئتها فلا زكاة فيه، مادامت تستعمله إنما إذا كان غير معتاد أو كان غير مستعمل فهذا فيه زكاة، فالأخت إذا كانت الحلي من التي تستعملها أخواتها وكان من المعتاد لمثلهن فلا شيء فيه ولا زكاة فيه، وخاصة أنهن محتاجات ويصرف عليهن أو يدفع لهن المال، وهذا مما قاله العلماء الذين لم يوجبوا الزكاة قالوا نحن لو اجتمعنا على أن نوجب الزكاة على الحلي كأننا نقول للمرأة اقطعي جزءاً من حليك وبيعيه وزكي عنها فهو مال غير نامي بطبيعته، فهو متعة كما أن الإنسان يتمتع بسيارة فهو لا يزكي عنها ولو كان يسكن فيلا فاخرة فهل نطلب منه أن يزكي عنها؟ فلماذا تزكي المرأة عن حليها وهي تتزين بها وتتجمل وتستمتع بها وإلا كان عليها إما أن تستلف أو أن تبحث عن مال آخر، والأصل أن الزكاة تؤخذ من نفس المال.
إلى أعلى
مشاهد من الإمارات:
عندي سؤال بخصوص قضية المرابحة في العملة مثلاً لو جاءني شخص عنده 1000 درهم أو أراد أن يستلف 1000 درهم وقيمته بالدولار 300 دولار ممكن أن تستلف على شرط أن يعطيني مع الربح 400 دولار، هي طبعاً قيمته زائدة بالدرهم ولكن يختلف من عملة لأخرى، فأريد أن أعرف الرأي في هذه المسألة، وهي الاقتراض بعملة والرد بعملة أخرى بزيادة؟
القرضاوي:
لابد أن يرد القرض بمثله يعني لو أخذت من شخص 1000 درهم ترد له 1000 درهم، لو اقترضت 1000 دينار ترد له 1000 دينار، استلفت 1000 دولار ترده 1000 دولار، لا يجوز أن ترد المقترض من عملة معينة بعملة أخرى وإلا من الممكن أن يدخل في هذا الزيادة والزيادة ربا، إنما يجوز أن يقترض منك مثلاً 10000 درهم وتخاف أن الدرهم تنقص قيمتها، تقول له: أنا أريد أن تسددها بالدولار، ممكن هذا تقول مثلاً هذه ألـ 10000 درهم = 3000 دولار وهذا بسعر اليوم نفسه، فيعطيه القرض ويتفقوا على العملة التي سوف يأخذها في نفس اليوم، ويسدد بنفس هذه العملة -أي بالدرهم- إنما إذا اقترض بالدولار يجب أن يرد بالدولار، اقترض بالدرهم يرد بالدرهم، اقترض بالدينار يرد بالدينار.
المقدم:
ولكن لو تغيرت قيمة هذه العملة مثلاً الدولار هل يرد على القيمة السابقة عند الاقتراض أم القيمة الحالية؟
القرضاوي:
الاقتراض مستويات، الانخفاض الذي يحدث من سنة لأخرى 3% أو 4% أو 5% أو 10% فهذه كلها محتملة، ولكن أحياناً يكون انخفاضاً كبيراً مثل الديون القديمة، مثلاً أنا كنت مشارك شخص في دار نشر الكتب وصفينا هذه الدار وبقي عليه 15000 ليرة لبنانية في سنة 1969، كانت الليرة اللبنانية بـ 1,75 ريال أو 1,75 درهم، كان الدولار عبارة عن ليرتين وشيء قليل وهذه الـ 15000 كانت تشتري سيارتين مرسيدس، أما الآن فالدولار بأكثر من 1000 ليرة فلو جاء الأخ الآن وقال أنا أريد أن أبرئ ذمتي يا شيخ يوسف وأنا عليَّ لك 15000 ليرة، خذ هذه الـ 15000 ليرة، هذه الـ 15000 ليرة حالياً لا تغديني (أي لا تطعمني وجبة غداء)، لابد إذن أن نبحث عن بديل آخر، أنا أفتي من مدة في الديون القديمة أننا نرى قيمتها بالذهب لأن الذهب ثبت نسبياً، فمثلا نقول كم كانت تساوي الـ 15000 ليرة من الذهب في ذلك الوقت ومكن نعرف أن الجرام من الذهب وقتها كان يساوي كذا فهذه كانت تساوي 500 جرام أو 1000 جرام من الذهب، إذن أعطيني قيمة 1000 جرام من الذهب الآن، إنما لا يجوز أن أقول للأسف مثل بعض المشايخ من إخواننا مصرِّين يقولون: لو أخذ ليرة يرجع ليرة، ولو أخذ ريال يرجع ريال، الاسم هي ليرة لكنها أصبحت شيئاً آخر، وخصوصاً بعض العملات التي نزلت نزولاً هائلاً، اضرب مثل فأنا أول ما ذهبت إلى تركيا في مدينة استنبول سنة 1967م كان الدولار بـ 12 ليرة تركي، والسنة الماضية وصل الدولار إلى 200 ألف ليرة، لابد أن يسدد المقترض بقيمته حتى يكون هناك عدل لأن الإسلام جاء بالعدل الذي قامت به السموات والأرض، ولو رد له الليرة بالليرة لأن اسمها ليرة فهذا ليس عدلاً والله تعالى يقول (ولكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون) فالإسلام لا يقبل بالظلم بأي حال.
إلى أعلى
مشاهد من أبو ظبي:
لدي سؤالين:
السؤال الأول: هل الرجل ملزم بالحج لزوجته؟
السؤال الثاني: هل يحل للرجل أن يـبعد 6 أشهر عن زوجته برضاها أو بغير رضاها.
القرضاوي:
الإنسان ليس ملزماً على أن يحجج زوجته فالإنسان ملزماً بالحج من ماله الخاص، الزوج من ماله والزوجة من مالها، لكن من مكارم الأخلاق إذا كان الزوج ذا سعة ويسار أن يحجج زوجته، فهذا من المعاشرة بالمعروف وخصوصاً إذا كان ذاهباً فيأخذها معه، ولكن هذا ليس واجباً عليه أن يحج بها من ماله. بالنسبة للسؤال الثاني وهل يجوز للزوج أن يبتعد عن زوجته 6 أشهر؟ فالمذهب الحنبلي لا يجيز هذا وأنا أفتي بالمذهب الحنبلي هنا وأقول لا يجوز للرجل أن يغيب عن زوجته أكثر من 6 أشهر إلا برضاها، يجوز إذا ضاق بنا الحال أن ننتقل من بلد إلا آخر كما نرى بعض إخواننا من باكستان أو اليمن أن مصر يغيبون عن زوجاتهم لأنه لا يستطيع أن يأخذها معه، حتى ربما الدولة نفسها لا تبيح له هذا، فيضطر من أجل هذا، والمرأة ترضى بهذا، فإذا أسقطت المرأة حقها فهي صاحبة الخيار، كذلك إذا كان الزوج مضطراً فلا يجد قوت عياله ولا قوت نفسه فهو يضطر لهذا وللضرورات أحكامها.