المقدمة :
كانت علاقة الإنسان في فجر تاريخه متوازنة مع بيئته ، لأن أعداده ومعدلات
إستهلاكه و ما يستخدمه من وسائل تقنية كانت في حدود قدرة البيئة على العطاء
، فلما انتصف القرن العشرون مفصلة التارخ البيئي للإنسان كانت أعداد الناس
قد زادت ، و أصبحت معدلات هذه الزيادة بالغة حتى وصفت بأنها < إنفجار
سكاني > ، كذلك تعاظمت معدلات استهلاكهم لنواتج التنمية من سلع و خدمات ،
وتعاظمت تطلعاتهم للمزيد ، و تعاظمت كمية النفايات التي تخرج عن نشاطاتهم
إلى حيز البيئة ، بذلك اختلت العلاقة المتوازنة بين الانسان والبيئة ،
وتوجس الناس خوفا من خطر ذاك على مستقبلهم ، وتنادوا في ختام القرن العشرين
بفكرة التنمية المتواصلة أو المستدامة ، التي تبلورت في تقرير اللجنة
العالمية للبيئة و التنمية الذي نشر تحت عنوان مستقبلنا المشترك.
تقع التنمية المستديمة عند نقطة الإلتقاء بين البيئة والاقتصاد والمجتمع
،لذلك كان على الحكومات أن تعمل على جعل سكان العالم أكثر وعيا و إهتماما
بالبيئة و بالمشاكل المتعلقة بها ، ليمتلكو المعرفة والمهارة والسبل و
الحوافز و الإلتزام للعمل كأفراد ، أومجموعات ، من أجل إيجاد الحلول
للمشاكل الآنية والحيلولة دون نشوء مشاكل جديدة " تصريح بلغراد 1976 ، إن
علينا أن نهتم بأن تبقى على الكرة الأرضية بعد مغادرتنا لها موارد كافية
تستجيب لإحتياجات الأجيال القادمة ، ليس هذا فحسب ، بل يقع علينا واجب
تعليم الأطفال أن يولو التقدير و الإحترام للكنوز الطبيعية رغبة في
حمايتها، وهكذا فقد تزايد الإهتمام بالتنمية المستديمة وأصبح لا يوجد شيء
على وجه الأرض إلا وله مفهوم أو مدلول في التنمية المستدامة .
تبرز أهمية البحث في كونه يتناول فكرة التنمية المستدامة التي أصبحت هاجس
جميع الدول ، و>لك من أجل المحافظة على بقائها ، حيث إتخذت عدة إجراءات و
سياسات من شأنها التمهيد لتحقيق التنمية المتواصلة
فماهي إذا هذه السياسات التي تساعد على التنمية المستدامة في الجزائر ؟
الهدف من دراسة هذا الموضوع هو إبراز السياسات التي تساعد على تجسيد التنمية المستدامة ، وهذا مايجرنا إلى طرح التساؤلات التالية :
مامفهوم التنمية المستدامة ؟
ماهي أبعادها ؟
- ماهي المتغيرات المؤثرة فيها
- ماهي المعوقات والتحديات الرئيسية للتنميةالمستدامة ؟
- ماهو واقع التنمية المستدامة في الجزائر ؟
- الفرضيات :
- التنمية المستدامة هي استخدام الموارد الطبيعية بالشكل الذي يضمن المحافظة على حقوق الأجيال القادمة
- تتطلب التنمية المستدامة ترشيد المناهج الاقتصادية و الاجتماعية والتكنولوجية
- أهم المؤثرات في التنمية المستدامة هو الانسان وسعيه نحو التقدم التكنولوجي و الذي انعكس على البيئة
- لقد اصطدمت خطط وبرامج التنمية المستدامة بالعديد من المعوقات من أهمها الفقر ، النمو الديموغرافي ، المديونية ...
- بدأت الجزائر مؤخرا في اتخاذ العديد من الاجراءات و السياسات سعيا نها وراء تحقيق التنمية المستدامة
- حدود الدراسة :
- تطرقنا في هذا البحث إلى التنمية المستدامة من جانب ، المفهوم ، الأبعاد ، المعوقات ، والسياسات الكفيلة بتجسيد التنمية المستدامة
- وبناءا على هذه الاشكالية و الفرضيات والتساؤلات فقد إستعملنا في هذا
البحث المنهج الإستقرائي والذي إستخدمنا فيه بعض الأدوات كالدراسة
التاريخية و الإحصاء .
- ولهذا الغرض قمنا بمعالجة بحثنا هذا في خطة مكونة من فصلين :
- الفصل :1 مدخل عام للتنية المستدامة
- و تناولنا من خلاله ماهية التنمية المستدامة ، ظهور فكرة التنمية
المستدامة ، المتغيرات المؤثرة فيها ، أبعادها ، ثم وأخيرا المعوقات و
التحديات الرئيسية للتنمية المستديمة
- الفصل :2 التنمية المستدامة في الجزائر
- وتعرضنا من خلاله إلى التجربة العربية في التنمية المستديمة كمدخل تمهيدي
لواقع التمية المستدامة في الجزائر بإعتبارها من ضمن الدول العربية ، ثم
وأخيرا قدمنا بعض الأفاق للتنمية المستدامة في الجزائر
الفصل1 : مدخل عام للتنمية المستدامة
تمهيد :
إن مشاكل البيئة لاتعرف الحدود،و هذا العصر يشهد تحديات بيئية مختلفة أخذت
تهدد الأجيال بسبب قيم و مثل وأعراف و أخلاقيات تؤصل في النفس أهمية التقدم
الإقتصادي و الإثراء المادي على حساب الإستغلال السليم لموارد الطبيعة ،
إن التحسين في مستويات المعيشة الذي تجلبه التنمية قد يضيع بسبب التكاليف
التي قد يفرضها التردي البيئي على الصحة و نوعية الحياة.فمن واجب كل فرد
المحافظة على البيئة وتحسينها لمصلحة عامة الناس و في إطار التنمية
المستدامةحتى يتحقق له العيش في بيئة تتفق مع حقوقه و كرامته الإنسانية.
وقد حاولنا من خلال هذا الفصل أن نتطرق إلى ماهية التنمية المستدامة ، ثم
إلى أبعادها الرئيسية ، وفي الأخير تناولنا معوقات وتحديات التنمية
المستدامة.
المبحث1 : ماهية التنمية المستديمة
من خلال هذا المبحث تناولنا ظهور فكرة التنمية المستدامة ، مفهومها ، و
المتغيرات الأساسية المؤثرة في التنمية المستدامة على النحو التالي :
المطلب1 : ظهور فكرة التنمية المستدامة
بين عام 1972 و عام 2002 إستكملت الأمم المتحدة عقد ثلاثة مؤتمرات دولية
ذات أهمية خاصة ،الأول عقد في استوكهولم ( السويد ) عام 1972 تحت اسم مؤتمر
الأمم المتحدة حول بيئة الإنسان، و الثاني عقد في ريو دي جانيرو (
البرازيل ) عام 1992 تحت اسم مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية، و
الثالث إنعقد في جوهانسبورغ( جنوب إفريقيا ) في سبتمبر 2002تحت إسم مؤتمر
الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة . تغير الأسماء يعبر عن تطور مفاهيم
العالم واستعاب العلاقة بين الإنسان و المحيط الحيوي الذي يعيش فيه و يمارس
نشاطات الحياة . في عام 1972 أصدر نادي رذوماذ1 تقريره الفريد (حدود النمو
)الذي شرح فكرة محدودية الموارد الطبيعية ، و أنه إذا استمر تزايد معدلات
الإستهلاك فإنالموارد الطبيعية لن تفي بإحتياجات المستقبل ، و أن استنزاف
الموارد البيئية المتجددة ( المزارع ، المراعي ، الغابات ، مصايد الأسماك )
و الموارد غير المتجددة ( رواسب المعادن ، حقول النفط و الغاز الطبيعي ،
طبقات الفحم ) يهدد المستقبل .و في عام 1973 هزت أزمة البترول العالم و
نبهت إلى أن الموارد محددودة الحجم . وفي عام 1980صدرت وثيقة الإستراتيجية
العالمية للصون،نبهت هذه الوثيقة الأذهان إلى أهمية تحقيق التوازن بين
مايحصده الإنسان من موارد البيئة و قدرة النظم البيئية على العطاء . وفي
عام1987 أصدرت اللجنة العالمية للتنمية والبيئة تقرير( مستقبلنا المشترك )
،كانت رسالة هذا التقرير الدعوة إلى أن تراعي تنمية الموارد البيئية تلبية
الحاجات المشروعة للناس في حاضرهم من دون الإخلال بقدرة النظم البيئية على
العطاء الموصول لتلبية حاجات الأجيال المستقبلية . ولما انعقد مؤتمر الأمم
المتحدة عن البيئة و التنمية عام 1992 ، برزت فكرة التنمية المستدامة أو
المتواصلة كواحدة من قواعد العمل الوطني و العالمي .ووضع المؤتمر وثيقة
مفصلة ( برنامج العمل في القرن الحادي و العشرين : أجندة (1)21) تضمنت
أربعين فصلا تناولت ماينبغي الإسترشاد به في مجالات التنمية الإقتصادية (
الزراعة ، الصناعة ، الموارد الطبيعية ) و التنمية الإجتماعية ( الصحة ،
التعليم )، و في مشاركة قطاعات المجتمع في مساعي التنمية وفي الحصول على
نصيب عادل من ثمارها.
في 2002انعقد مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة ، ، ليراجع حصيلة
إستجابة العالم لفكرة التنمية المتواصلة ،إذا فالتطور من فكرة بيئة الانسان
1972 إلى فكرة البيئة و التنمية 1992 إلى فكرة التنمية المتواصلة 2002،
ينطوي على تقدم ناضج .ذلك أن العلاقة بين الإنسان و البيئة لاتقتصر على
أثار حالة البيئة على صحة الانسانكما كان الظن 1972، إنما للعلاقة وجه آخر
هو أن البيئة هي خزانة المواردالتي يحولها الانسان بجهده و بما حصله من
المعارف العلمية و الوسائل التقنية إلى ثروات ، تحويل الموارد إلى ثروات هو
جوهر التنمية ، فكرة التنمية المتواصلة تتقدم بنا خطوة إلى الأمام إذ تضيف
أبعاد إجتماعية و
(1)-مجلة البيئة و التنمية <العالم في 2003 > ، مجلد خاص العددان 52-53 ص ص :22-23
أخلاقية لعلاقة الانسان بالبيئة ، و تضع التنية على ثلاث ركائز : الكفاءة
الإقتصادية ، صون البيئة و عناصرها و قدرتها على العطاء، العدل الاجتماعي
بين الناس جميعا في حاضرهم ومستقبل أبنائهم.
المطلب 2 :مفهوم التنمية المستدامة
التنمية في أصلها هي ناتج عمل الإنسان على تحويل عناصر فطرية في البيئة (
تراكيب و بنيات جيولوجية ...) إلى ثروات ، أي إلى سلع و خدمات تقابل حاجات
الإنسان ، هذا التحويل يعتمد على جهد الانسانو ما يوظفه من معارف علمية و
مايستعين به من أدوات ووسائل تقنية ، التنمية هي تغيير في البيئة يهدد
توازنها الفطري ، و يصل إلى درجة الإضرار إذا تجاوز قدرة الفطرة البيئية
على الإحتمال و قدرتها على إستعادة التوازن و رأب التصدعات . ومن هنا ظهرت
أهمية التنمية المستدامة كمفهوم جديد
رغبة من بعض المؤلفين في جعل مفهوم التنمية المستدامة أقرب من التحديد
وضعوا تعريفا ضيقا لها ينصب على الجوانب المادية للتنمية المستدامة ،
1 - التعريف الإقتصادي للتنمية المستدامة
تركز بعض التعريفات الاقتصادية للتنمية المستدامة على الإدارة المثلى
ااموارد الطبيعية ، و ذلك بالتركيز على " الحصول عاى الحد الأقصى من منافع
التنمية الإقتصادية ، بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية و نوعيتها "
.
كما انصبت تعريفات أخرى على الفكرة العريضة القائلة بأن " إستخدام الموارد
اليوم ينبغي أن لايقلل من الدخل الحقيقي في المستقبل " .و تقف و راء هذا
المفهوم الفكرة القائلة بأن القرارات الحالية ينبغي ألا تضر بإمكانيات
المحافظة على مستويات المعيشة في المستقبل أو تحسينها و هو مايعني أن نظمنا
الإقتصادية ينبغي أن تدار بحيث نعيش على أرباح مواردنا و نحتفظ بقاعدة
الأصول المادية و نحسنها .
2 – تعريفها من طرف اللجنة العالمية للتنمية المستدامة
انتهت اللجنة في تقريرها المعنون " بمستقبلنا المشترك " إلى" أن هناك حاجة
إلى طريق جديد للتنمية ، طريق يستديم التقدم البشري لا في مجرد أماكن قليلة
أو لبضع سنين قليلة ، بل للكرة الأرضية بأسرها وصولا إلى المستقبل البعيد "
. و التنمية المستدامة حسب تعريف وضعته هذه اللجنة عام 1987 تعمل على "
تلبية إحتياجات الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على
تلبية إحتياجاتها الخاصة " .
المطلب3 : المتغيرات الأساسية المؤثرة في التنمية المستدامة
1. مكانة التكنولوجيا في تعريف التنمية المستدامة:
كما أفاض بعض المؤلفين في توسيع تعريف التنمية المستدامة لتشمل تحقيق
التحول السريع في القاعدة التكنولوجية للحضارة الصناعية، وأشاروا إلى أن
هناك حاجة إلى تكنولوجيا جديدة تكون أنظف وأكفأ وأقدر على إنقاذ الموارد
الطبيعية، حتى يتسنى الحد من التلوث، والمساعدة على تحقيق استقرار المناخ،
واستيعاب النمو في عدد السكان وفي النشاط الاقتصادي.
2. مكانة الإنسان ضمن التعاريف المقدمة بشأن التنمية المستدامة :
ويشكل الإنسان محور التعاريف المقدمة بشأن التنمية المستدامة حيث تتضمن
تنمية بشرية تؤدي إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والرفاهية
الاجتماعي. وهناك اعتراف اليوم بهذه التنمية البشرية على اعتبار أنها حاسمة
بالنسبة للتنمية الاقتصادية وبالنسبة للتثبيت المبكر للسكان. وحسب تعبير
تقرير
(3)- نفس المرجع السابق
(4)-HTTP://WWW.ALJAMAHIRIA.COM/INDEX.HTML
التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فإن "الرجال
والنساء والأطفال ينبغي أن يكونوا محور الاهتمام - فيتم نسج التنمية حول
الناس وليس الناس حول التنمية". وتؤكد تعريفات التنمية المستدامة بصورة
متزايدة على أن التنمية ينبغي أن تكون بالمشاركة، بحيث يشارك الناس
ديموقراطيا في صنع القرارات التي تؤثر في حياتهم سياسيا واقتصاديا
واجتماعيا وبيئيا .
3. مكانة العدالة في تعريف التنمية المستدامة
والعنصر الهام الذي تشير إليه مختلف تعريفات التنمية المستدامة هو عنصر
الإنصاف أو العدالة. فهناك نوعان من الإنصاف هما إنصاف الأجيال البشرية
التي لم تولد بعد، وهي التي لا تؤخذ مصالحها في الاعتبار عند وضع التحليلات
الاقتصادية و لا تراعي قوى السوق المتوحشة هذه المصالح. أما الإنصاف
الثاني فيتعلق بمن يعيشون اليوم والذين لا يجدون فرصا متساوية للحصول على
الموارد الطبيعية أو على "الخيرات" الاجتماعية والاقتصادية. فالعالم يعيش
منذ أواسط عقد السبعينات تحت هيمنة مطلقة للرأسمال المالي العالمي الذي
يكرس تفاوتا صارخا بين دول الجنوب ودول الشمال كما يكرس هذا التفاوت داخل
نفس الدول. لذلك فإن التنمية المستدامة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذين
النوعين من الإنصاف.
لكن تحقق هذين النوعين من الإنصاف لن يتأتى في ظل الهيمنة المطلقة للرأسمال
المالي العالمي، وإنما يتحقق تحت ضغط قوى شعبية عمالية أممية يمكن من
استعادة التوازن للعلاقات الاجتماعية الكونية
المبحث2 : أبعاد التنمية المستدامة
تبنى مؤتمر 1992 ( ريو دي جانيرو – قمة الأرض ) فكرة التنمية المتواصلة ، و
جعلها محور خطة العمل التي وضعها للقرن الحادي و العشرين ، و أصبحت الفكرة
محور الحديث في كامل المجتمع ، و برزت لها أبعاد جديدة تتصل بالوسائل
التقنية التي يعتمد عليها الناس في جهدهم التنموي ، في الصناعة والزراعة و
غيرها ، و تتصل بالمناهج الإقتصادية التي يجري عليها حساب المأخوذ و
المردود .
المطلب1 : الأبعاد الإقتصادية :
تتطلب التنمية المتواصلة ترشيد المناهج الإقتصادية ، على رأس ذلك تأتي فكرة
" المحاسبة البيئية للموارد الطبيعية " ، فقد جرى الأمر على عدم إدراج
قيمة ما يؤخذ من عناصر البيئة المختزنة في حقول النفط و الغاز و رواسب
الفحم و مناجم التعدين و غيرها في حساب الكلفة ، كذلك جرى الأمر على عدم
إدراج قيمة مايحصد من ثروة سمكية في قيمة المخزون السمكي ، و مايحصد من
حقول الزراعة في قيمة النقص في خصوبة الأرض ، و في كثير من الأحوال لا يحسب
لمياه الري قيمة مالية في عمليات الحساب الزراعي ، في هذا وغيره نجد أن
الحسابات الإقتصادية تنقصها عناصر جوهرية . كذلك نلحظ أن أوجها من الحساب
تحتاج إلى تعديل : حساب الناتج الزراعي ( المحصول )من وحدة المياه ، حساب
الناتج الصناعي من وحدة الطاقة ، ومن أدوات الحساب الإقتصادي الضرائب و
الحوافز المالية ، و ينبغي أن توظف هذه الأدوات لتعظيم كفاءة الانتاج و
خدمة أغراض التنميةالمتواصلة.
1 - حصة الاستهلاك الفردي من الموارد الطبيعية
فبالنسبة للأبعاد الاقتصادية للتنمية المستدامة نلاحظ أن سكان البلدان
الصناعية يستغلون قياسا على مستوى نصيب الفرد من الموارد الطبيعية في
العالم، أضعاف ما يستخدمه سكان البلدان النامية. ومن ذلك مثلا أن استهلاك
الطاقة الناجمة عن النفط والغاز والفحم هو في الولايات المتحدة أعلى منه في
الهند ب 33 مرة، وهو في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ال
"OCDE" أعلى بعشر مرات في المتوسط منه في البلدان النامية مجتمعة.
2 -إيقاف تبديد الموارد الطبيعية
فالتنمية المستدامة بالنسبة للبلدان الغنية تتلخص في إجراء تخفيضات متواصلة
من مستويات الاستهلاك المبددة للطاقة والموارد الطبيعية وذلك عبر تحسين
مستوى الكفاءة وإحداث تغيير جذري في أسلوب الحياة. ولا بد في هذه العملية
من التأكد من عدم تصدير الضغوط البيئية إلى البلدان النامية. وتعني التنمية
المستدامة أيضا تغيير أنماط الاستهلاك التي تهدد التنوع البيولوجي في
البلدان الأخرى دون ضرورة، كاستهلاك الدول المتقدمة للمنتجات الحيوانية
المهددة بالانقراض.
3 - مسؤولية البلدان المتقدمة عن التلوث وعن معالجته
وتقع على البلدان الصناعية مسؤولية خاصة في قيادة التنمية المستدامة، لأن
استهلاكها المتراكم في الماضي من الموارد الطبيعية مثل المحروقات -
وبالتالي إسهامها في مشكلات التلوث العالمي- كان كبيرا بدرجة غير متناسبة.
يضاف إلى هذا أن البلدان الغنية لديها الموارد المالية والتقنية والبشرية
الكفيلة بأن تضطلع بالصدارة في استخدام تكنولوجيات أنظف وتستخدم الموارد
بكثافة أقل، وفي القيام بتحويل اقتصادياتها نحو حماية النظم الطبيعية
والعمل معها، وفي تهيئة أسباب ترمي إلى تحقيق نوع من المساواة والاشتراكية
للوصول إلى الفرص الاقتصادية والخدمات الاجتماعية داخل مجتمعاتها. والصدارة
تعني أيضا توفير الموارد التقنية والمالية لتعزيز للتنمية المستدامة في
البلدان الأخرى - باعتبار أن ذلك استثمار في مستقبل الكرة الأرضية
4. المساواة في توزيع الموارد
إن الوسيلة الناجعة للتخفيف من عبء الفقر وتحسين مستويات المعيشة أصبحت
مسؤولية كل من البلدان الغنية والفقيرة، وتعتبر هذه الوسيلة، غاية في حد
ذاتها، وتتمثل في جعل فرص الحصول على الموارد والمنتجات والخدمات فيما بين
جميع الأفراد داخل المجتمع أقرب إلى المساواة. فالفرص غير المتساوية في
الحصول على التعليم والخدمات الاجتماعية وعلى الأراضي والموارد الطبيعية
الأخرى وعلى حرية الاختيار وغير ذلك من الحقوق السياسية، تشكل حاجزا هاما
أمام التنمية. فهذه المساواة تساعد على تنشيط التنمية والنمو الاقتصادي
الضروريين لتحسين مستويات المعيشة
5.الحد من التفاوت في المداخيل
فالتنمية المستدامة تعني إذن الحد من التفاوت المتنامي في الدخل وفي فرص
الحصول على الرعاية الصحية في البلدان الصناعية مثل الولايات المتحدة
وإتاحة حيازات الأراضي الواسعة وغير المنتجة للفقراء الذين لا يملكون أرضا
في مناطق مثل أمريكا الجنوبية أو للمهندسين الزراعيين العاطلين كما هو
الشأن بالنسبة لبلادنا؛ وكذا تقديم القروض إلى القطاعات الاقتصادية غير
الرسمية وإكسابها الشرعية؛ وتحسين فرص التعليم والرعاية الصحية بالنسبة
للمرأة في كل مكان. وتجب الإشارة إلى أن سياسة تحسين فرص الحصول على
الأراضي والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية لعبت دورا حاسما في تحفيز
التنمية السريعة والنمو في اقتصاديات النمور الآسيوية مثل ماليزيا وكوريا
الجنوبية وتايوان.
.6 تقليص الانفاق العسكري
كما أن التنمية المستدامة يجب أن تعني في جميع البلدان تحويل الأموال من
الإنفاق على الأغراض العسكرية وأمن الدولة إلى الإنفاق على احتياجات
التنمية. ومن شأن إعادة تخصيص ولو جزء صغير من الموارد المكرسة الآن
للأغراض العسكرية الإسراع بالتنمية بشكل ملحوظ.
المطلب2 : الأبعاد الإجتماعية
في مجال الوسائل الاجتماعية تبرز فكرة التنمية المستدامة ركيزة أساسية في
رفض الفقر والبطالة و التفرقة التي تظلم المرأة ، والتفاوت البالغ بين
الأغنياء والمدقعين . العدل الاجتماعي أساس الاستدامة ، يقتضي هذا عدة أمور
ينبغي أن يجد المجتمع سبله إليها :
1.ضبط السكان ، فالزيادة السكانية تبلغ نحو 80مليون نسمة كل علم ، وهي
زيادة لاتتسع لها الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية السائدة و أغلب الزيادة (
85% ) في دول العالم الثالث الموسوم بالاكتظاظ و الفقر و التخلف ، إستمرار
هذا الحال يزيد الفقراء فقرا ، و هذا باب من أبواب الخطر على العالم جميعا
2. فكرة العدالة الاجتماعية تتضمن العدالة بين الناس و الأخذ بيد الفآت
المستضعفة ، و العدالة بين الأجيال حتى يقال أن مابين أيدينا من ثروات
طبيعية هو ملك الأبناء و الأحفاد و ينبغي أن نصونه ليرثوه سليما خصب العطاء
.
3. فكرة تنمية البشر وسعت معنى التعليم ومراميه ، في كل عام يصدر برنامج
الامم المتحدة الإنمائي تقريرا عن " التنمية البشرية " التي تقاس بمعايير
تنموية وإقتصادية وإجتماعية ، و يصنف التقرير دول العالم درجات حسب نجاحها
في تحقيق التنمية البشرية ،و المؤسف أن الدول العربية تقع في ذيل الدرجات و
السؤال المطروح : هل تخرج مؤسسات التعليم أفراد قادرين على الاسهام
الإيجابي في التنمية والتقدم الاجتماعي ، أم تخرج أعباء إجتماعية تذهب إلى
ساحات البطالة لا إلى سوق العمل ، فالتنمية المتواصلة تطلب منا أن نعيد
النظر في نهج التعليم و أساليبه و مؤسساته.
(5)-مجلة البيئة و التنمية <العالم في 2003> مرجع سبق ذكره ، ص 23
4. من الركائز الجوهرية لنجاح التنمية المتواصلة مشاركة الناس ، المشاركة
الفاعلة في مراحل التخطيط و التنفيذ للتنمية الوطنية ، و تعتمد هذه
المشاركة على القبول الاجتماعي ، وهي جوهر الديمقراطية ، فغياب هذه الأخيرة
يحرم الناس من المشاركة و كأنما يعفيها من المسؤولية ، وفي هذا مايعطل
قدرتهم على الأداء ، المنظمات الأهلية و المؤسسات غير الحكومية من أدوات
المشاركة الجماهيرية ، برامج الإعلام و الإرشاد الصحيحة تبصر الناس
بأدوارهم وترشدهم إلى مناط الفعل النافع و الإسهام الإيجابي في تحقيق
التنمية المتواصلة .
5. تستكمل الوسائل الإجتماعية بضط السلوك الإستهلاكي للناس ، و قبول حدود
رشيدة تبعد عن حد الإسراف و لا تحرم من الغذاء الراشد ، الأوضاع الحالية و
خاصة في مجتمعات الوفرة ، أقرب إلى حدود الإسراف غير الرشيد ، حيث الزيادة
في قدر الإستهلاك و ما يتبعها من زيادة في كمية المخلفات و المطلب 3
:الأبعاد التكنولوجية
1 - استعمال تكنولوجيات أنظف في المرافق الصناعية
كثيرا ما تؤدي المرافق الصناعية إلى تلويث ما يحيط بها من هواء ومياه وأرض.
وفي البلدان المتقدمة النمو، يتم الحد من تدفق النفايات وتنظيف التلوث
بنفقات كبيرة؛ أما في البلدان النامية، فإن النفايات المتدفقة في كثير منها
لا يخضع للرقابة إلى حد كبير. ومع هذا فليس التلوث نتيجة لا مفر منها من
نتائج النشاط الصناعي. وأمثال هذه النفايات المتدفقة تكون نتيجة
لتكنولوجيات تفتقر إلى الكفاءة أو لعمليات التبديد، وتكون نتيجة أيضا
للإهمال والافتقار إلى فرض العقوبات الاقتصادية.
(6)-HTTP://.ISLAMONLINE.NET/ARABIC/Doc/INDEX.SHTML
وتعني التنمية المستدامة هنا التحول إلى تكنولوجيات أنظف وأكفأ وتقلص من
استهلاك الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية إلى أدنى حد. وينبغي أن يتمثل
الهدف في عمليات أو نظم تكنولوجية تتسبب في نفايات أو ملوثات أقل في المقام
الأول، وتعيد تدوير النفايات داخليا، وتعمل مع النظم الطبيعية أو تساندها.
وفي بعض الحالات التي تفي التكنولوجيات التقليدية بهذه المعايير فينبغي
المحافظة عليها.
2 - الأخذ بالتكنولوجيات المحسنة وبالنصوص القانونية الزاجرة
والتكنولوجيات المستخدمة الآن في البلدان النامية كثيرا ما تكون أقل كفاءة
وأكثر تسببا في التلوث من التكنولوجيات المتاحة في البلدان الصناعية.
والتنمية المستدامة تعني الإسراع بالأخذ بالتكنولوجيات المحسنة، وكذلك
بالنصوص القانونية الخاصة بفرض العقوبات في هذا المجال وتطبيقها. ومن شأن
التعاون التكنولوجي - سواء بالاستحداث أو التطويع لتكنولوجيات أنظف وأكفأ
تناسب الاحتياجات المحلية -الذي يهدف إلى سد الفجوة بين البلدان الصناعية
والنامية أن يزيد من الإنتاجية الاقتصادية، وأن يحول أيضا دون مزيد من
التدهور في نوعية البيئة. وحتى تنجح هذه الجهود، فهي تحتاج أيضا إلى
استثمارات كبيرة في التعليم والتنمية البشرية، ولاسيما في البلدان الأشد
فقرا. والتعاون التكنولوجي يوضح التفاعل بين الأبعاد الاقتصادية والبشرية
والبيئية والتكنولوجية في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.
3 -المحروقات والاحتباس الحراري
كما أن استخدام المحروقات يستدعي اهتماما خاصا لأنه مثال واضح على العمليات
الصناعية غير المغلقة. فالمحروقات يجري استخراجها وإحراقها وطرح نفاياتها
داخل البيئة، فتصبح بسبب ذلك مصدرا رئيسيا لتلوت الهواء في المناطق
العمرانية، وللأمطار الحمضية التي تصيب مناطق كبيرة، والاحتباس الحراري
الذي يهدد بتغير المناخ. والمستويات الحالية لانبعاث الغازات الحرارية من
أنشطة البشر تتجاوز قدرة الأرض على امتصاصها؛ وإذا كانت الآثار قد أصبحت
خلال العقد الأخير من القرن العشرين واضحة المعالم، فإن معظم العلماء
متفقون على أن أمثال هذه الانبعاثات لا يمكن لها أن تستمر إلى ما لا نهاية
سواء بالمستويات الحالية أو بمستويات متزايدة، دون أن تتسبب في احترار
عالمي للمناخ. وسيكون للتغييرات التي تترتب عن ذلك في درجات الحرارة وأنماط
سقوط الأمطار ومستويات سطح البحر فيما بعد - ولاسيما إذا جرت التغييرات
سريعا- آثار مدمرة على النظم الإيكولوجية وعلى رفاه الناس ومعاشهم، ولاسيما
بالنسبة لمن يعتمدون اعتمادا مباشرا على النظم الطبيعية.
4 - الحد من انبعاث الغازات :
وترمي التنمية المستدامة في هذا المجال إلى الحد من المعدل العالمي لزيادة
انبعاث الغازات الحرارية. وذلك عبر الحد بصورة كبيرة من استخدام المحروقات،
وإيجاد مصادر أخرى للطاقة لإمداد المجتمعات الصناعية. وسيكون من المتعين
على البلدان الصناعية أن تتخذ الخطوات الأولى للحد من انبعاثات ثاني أكسيد
الكربون واستحداث تكنولوجيات جديدة لاستخدام الطاقة الحرارية بكفاءة أكبر،
وتوفير إمدادات من الطاقة غير الحرارية تكون مأمونة وتكون نفقتها محتملة.
على أنه حتى تتوافر أمثال هذه التكنولوجيات، فالتنمية المستدامة تعني
استخدام المحروقات بأكفأ ما يستطاع في جميع البلدان.
-5الحيلولة دون تدهور طبقة الأزون
والتنمية المستدامة تعني أيضا الحيلولة دون تدهور طبقة الأوزون الحامية
للأرض. وتمثل الإجراءات التي اتخذت لمعالجة هذه المشكلة سابقة مشجعة :
فاتفاقية كيوتو جاءت للمطالبة بالتخلص تدريجيا من المواد الكيميائية
المهددة للأزون، وتوضح بأن التعاون الدولي لمعالجة مخاطر البيئة العالمية
هو أمر مستطاع. لكن تعنت الولايات المتحدة الأمريكية واعتدادها بأن قوتها
أصبحت فوق إرادة المجتمع الدولي جعلها ترفض التوقيع على هذه الاتفاقية ما
دام أن لا أحدا يستطيع إجبارها على ذلك.
المبحث 3: المعوقات و التحديات الرئيسية للتنمية المستدامة
المطلب 1 : المعوقات
على الرغم من التقدم الكبير الذي حصل خلال الفترة التي أعقبت إعلان ريو في
مجال العمل البيئي ومسيرة التنمية المستدامة في الدول الإسلامية، فإن هناك
بعض المعوقات التي واجهت العديد من هذه الدول في تبنّي خطط وبرامج التنمية
المستدامة، كان من أهمها ما يلي:
أ) الفقر الذي هو أساس لكثير من المعضلات الصحية والاجتماعية والأزمات
النفسية والأخلاقية، وعلى المجتمعات المحلية والوطنية والدولية أن تضع من
السياسات التنموية وخطط الإصلاح الاقتصادي، ما يقضي على هذه المشاكل بإيجاد
فرص العمل، والتنمية الطبيعية والبشرية والاقتصادية والتعليمية للمناطق
الأكثر فقراً، والأشدّ تخلفاً، والعمل على مكافحة الأمية.
ب) الديون التي تمثّل -إضافة إلى الكوارث الطبيعية بما فيها مشكلات الجفاف
والتصحر والتخلف الاجتماعي الناجم عن الجهل والمرض والفقر- أهمَّ المعوّقات
التي تحول دون نجاح خطط التنمية المستدامة وتؤثر سلباً في المجتمعات
الفقيرة بخاصة والأسرة الدولية بعامة، ومن واجب الجميع التضامن للتغلب على
هذه الصعوبات حماية للإنسانية من مخاطرها وتأثيراتها السلبية على المجتمع.
ج) الحروب والمنازعات المسلحة والاحتلال الأجنبي التي تؤثر بشكل مضر على
البيئة وسلامتها، وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الداعية إلى إنهاء
الاحتلال الأجنبي ووضع تشريعات والتزامات تحرّم وتجرّم تلويث البيئة أو قطع
أشجارها أو إبادة حيواناتها، ومراعاة الكرامة في معاملة الأسرى طبقاً
للقوانين الدولية وعدم التمثيل بالموتى ومنع تخريب المنازل والمنشآت
المدنية ومصادر المياه.
د) التضخم السكاني غير الرشيد وخاصة في مدن الدول النامية وتدهور الأحوال
المعيشية في المناطق العشوائية وتزايد الطلب على الموارد والخدمات الصحية
والاجتماعية.
هـ) تدهور قاعدة الموارد الطبيعية واستمرار استنزافها لدعم أنماط الإنتاج
والاستهلاك الحالية مما يزيد في نضوب قاعدة الموارد الطبيعية وإعاقة تحقيق
التنمية المستدامة في الدول النامية.
و) عدم توفر التقنيات الحديثة والخبرات الفنية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية المستدامة وخططها.
ي) نقص الخبرات اللازمة لدى الدول الإسلامية لتتمكن من الإيفاء بالالتزامات
حيال قضايا البيئة العالمية ومشاركة المجتمع الدولي في الجهود الرامية
لوضع الحلول لهذه القضايا.
المطلب2 :التحديات
أ) إيجاد مصادر التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة في الدول النامية
والتزام الدول الصناعية بزيادة الدعم المقدم منها للدول النامية ليصبح
(1,5% من الناتج الوطني).
ب) إعداد البرامج التنموية والصحية والتعليمية للشعوب الأقل نمواً، فالدولة
والمجتمعات المحلية والإقليمية والوطنية والمنظمات ذات الاختصاص، تشترك في
المسؤولية -على تفاوت بينها- وهي مطالبة بالمساهمة في رعاية الطفولة
والأمومة، وتأسيس البنى التحتية والمرافق، وذلك بتمويل برامج التنمية
المستدامة، ووضع الخطط والسياسات الفاعلة في هذا المجال، وتقاس أهلية هذه
الأطراف جميعاً وكفاءتها، بمقدار ما تقدمه من خدمات في هذه المجالات
الحيوية، وبمقدار عنايتها بتطوير برامج العمل التنموي على المستويين
الحكومي والشعبي ومؤسساته.
ج) تحقيق التكامل وتشجيع الاستثمار الداخلي والأجنبي من خلال إيجاد شراكة
حقيقية بين الدول الصناعية والدول النامية وتحقيق فرص أفضل لمنتجاتها
للمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية من خلال منظمة التجارة العالمية.
د) إيجاد وسائل تمويل جديدة لدعم جهود التنمية للدول النامية.
هـ) نقل وتطويع التقنيات الحديثة الملائمة للبيئة وتشجيع الباحثين، وتوفير
إمكانيات العمل العلمي لهم باعتباره من أسباب تطوير العمل التنموي
واستمراره، ويرتبط بذلك نشر الوعي بأهمية التفكير العلمي والبحث في مجالات
التنمية المستدامة، وتطوير وسائل العمل في هذا المجال، ونقل المجتمع بذلك
إلى مراحل متقدمة من الرقي والتنمية في وقت أسرع وبتكلفة أقل.
و) حماية التراث الحضاري: للتراث الحضاري دورٌ أساسٌ في عنصر التنمية
المستدامة لكونه يسهم في تأكيد الذاتية الثقافية، ويحافظ على خصوصياتها،
ويحمي هويتها من الذوبان، ويساعد على بناء الشخصية المستقلة للأفراد
والجماعات، ويمنح العمل التنموي دفعةً ذاتية أقوى في الدفاع عن الشخصية
الوطنية والدينية، وصيانة المستقبل المشترك، ولذا فإن التأكيد على الأبعاد
الروحية والأخلاقية التي تدعو إليها الأديان السماوية يؤثر إيجابيا في
الدفع بالتنمية نحو الخير والعمل الصالح والتكافل الاجتماعي.
ز) التضرّر من الإجراءات التي يتخذها المجتمع الدولي لمجابهة قضايا البيئة
العالمية ومسؤولية المجتمع الدولي في مساعدة الدول الإسلامية المتضررة.
ح) تأمين مشاركة كاملة وفعالة للدول النامية داخل مراكز اتخاذ القرار
والمؤسسات الاقتصادية الدولية وتعزيز الجهود التي تهدف إلى جعل دواليب
الاقتصاد العالمي أكثر شفافية وإنصافاً واحتراماً للقوانين المعمول بها على
نحو يمكن الدول النامية من رفع التحديات التي تواجهها بسبب العولمة
خلاصة الفصل 1 :
إن التنمية المستدامة تتمثل في عمارة الأرض و إصلاحها ، بما لايخل بالتوازن
و عدم إستنفاذ العناصر الضرورية للحفاظ على سلامة البيئة ، و الحد من
تعريض الأرض و ما عليها لمختلف أنواع التلوث ، و تأكيد عدالة توزيع الموارد
و عوائد التنمية ، و الحد من أنماط الإنتاج والإستهلاك غير الرشيدة و
توجيهها نحو الإستدامة . فالمعادلة بسيطة " إدارة التنمية على مستوى العالم
بما يحقق التوازن البيئي " لكن المعضلة الكبرى تبقى في التطبيق ، فالعالم
يمشي ، والفقراء يزدادون فقرا ، والحاجة اليوم أكثر من إي وقت مضى إلى عقد
عالمي جديد قائم على العدالة . فالتنمية المستدامة القائمة على الإدارة
العادلة لموارد العالم والتوزيع العادل للثروات و ضمان الحقوق الإنسانية
للشعوب ، هي الطريق الأقصر لتحقيق السلم و الأمن العالمي
الفصل 2 : التنمية المستدامة في الجزائر
تمهيد :
في السنوات الأخيرة بادرت الجزائر ، مثاها مثل الدول العربية إلى تخصيص
مبالغ معتبرة لدعم وتجسيد التنمية المستدامة في معظم المجالات الحيوية و
لاسيما في المجال البيئي معتمدة على ثلاث وسائل هي وضع إطار قانوني صارم و
متخصص ، مراقبة النشاطات المسببة للتلوث و إخضاعها للمعايير الدولية ، وضع
رسوم خاصة بحماية البيئة تدفع المؤسسات لمراقبة نشاطاتها، إضافة إلى الرسم
المشجع للمؤسسات التي تتخلص من نفاياتها بالمعالجة بدل التخزين أو الرمي ،
كما سطرت مشاريع مستقبلية تعتبر إستراتيجية إذا ما تم ، كما سطرت مشاريع
مستقبلية تعتبر إستراتيجية إذا ما تم نجازها بالشكل المرسوم أو المخطط آنفا
و هذا ما سوف نتناوله من خلال هذا الفصل .
الفصل2 : التنمية المستدامة في الجزائر
المبحث 1 : التجربة العربة في التنمية المستدامة
إن تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي يستوجب وضع إستراتيجية عربية
مشتركة و متكاملة لتحسين الأوضاع المعيشية و الإقتصادية و الإجتماعية و
الصحية للمواطن العربي و صون البيئة في المنطقة العربية تأخذ بعين الإعتبار
الظروف التاريخية و الحاضرة للمنطقة و التنبؤ بالمتغيرات المستقبلية و
التطورات العالمية .
المطلب 1 :إستراتيجية التنمية العربية
الأهداف :
- تحقيق السلام والأمن على أسس عادلة و إزالة بؤر التوتر و أسلحة الدمار الشامل و في مقدمتها السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط
- الحد من الفقر و البطالة
- تحقيق المواءمة بين معدلات النمو السكاني و الموارد الطبيعية المتاحة
- القضاء على الأمية و تطوير مناهج وأساليب التربية والتعليم والبحث العلمي و التقني بما يتوافق مع إحتياجات التنمية المستدامة
- دعم وتطوير المؤسسات التنموية و البيئية وتعزيز بناء القدرات البشرية وإرساء مفهوم المواطنة البيئية
- الحد من تدهور البيئة و الموارد الطبيعية ، و العمل على إدارتها بشكل
مستدام يحقق الأمن الغذائي و المائي العربي و المحافظة على النظم
الايكولوجية و التنوع الحيوي و مكافحة التصحر
- تطوير القطاعات الانتاجية العربية و تكاملها و إتباع نظم الإدارة البيئية
المتكاملة و أساليب الإنتاج الأنظف و تحسين الكفاءة الإنتاجية لرفع القدرة
التنافسية للمنتجات العربية و تعزيز قدورات التنبؤ بالحوادث الصناعية و
الكوارث الطبيعية و الإستعداد لها.
- دعم دور القطاع الخاص و مؤسسات المجتمع المدني و تشجيع مشاركتهم في وضع و
تنفيذ خطط التنمية المستدامة و تعزيز دور المرأة و مكانتها في المجتمع .
إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الوطن العربي تتطلب صياغة أولويات العمل العربي المشترك على النحو التالي :
- تطبيق سياسات متكاملة للحد من الفقر أهمها تسيير التأقلم مع السياسات
الإصلاح الإقتصادي و رفع مستوى التأهيل المهني و التعليم العام والفني و
إيجاد فرص العمل المناسبة للمواطن العربي ، و ترشيد وحسن إستغلال الثروات
المتاحة ، وإيجاد حلول عملية لمشكلة الديون ، و تعزيز دور القطاع الخاص و
المجتمع المدني في المشاركة في وضع و تنفيذ برامج التنمية المستدامة .
- وضع سياسة سكانية متكاملة و معالجة إختلال التوازن السكاني بين الريف والمدن
- سن التشريعات الملزمة و تنفيذ السياسات المتكاملة على الصعيدين الوطني و
الإقليمي والتقييم الدوري لها و رفع الوعي لجميع فآت المجتمع و تطبيق
سياسات إنمائية سليمة تأخذ بعين الإعتبار محدودية الموارد الطبيعية المتاحة
و توزيعها .
- تطبيق أساليب الإدارة المتكاملة للموارد المائية و تطوير مصادر إضافية
للمياه كتحلية مياه البحر و تنمية الموارد المائية بإستخدام تقنيات عملية و
متطورة كإعادة تدوير مياه الصرف المعالجة والحد من الفاقد .
- وضع سياسات بيئية و إقتصادية تأخذ بعين الإعتبار المحافظة على مصادر
الطاقة غير المتجددة و تطويرها و ترشيد إستغلالها و الحد من آثارها السلبية
على الإنسان و البيئة و تشجيع إستخدام مصادر الطاقة المتجددة على أسس
بيئية و إقتصادية سليمة .
- إيلاء التنمية البشرية إهتماما أكبر في المنطقة العربية من خلال تعزيز
السياسات الوطنية و الإقليمية التي تهتم بصحة الإنسان و رعاية الطفولة و
الأمومة والشيخوخة و ذوي الإحتياجات الخاصة و ذلك للمحافظة على التماسك
الأسري و تطوير مناهج التربية و التعليم في مختلف المراحل ودعم مراكز البحث
العلمي و التقني ورفع مستوى الوعي و الثقافة و التأهيل
- بذل المزيد من الجهود الإيجابية لتحقيق التكامل بين الإستراتيجيات الصحية
و البيئية و خاصة من حيث توفير الغذاء ومياه الشرب السليمة ، ومعالجة مياه
الصرف و المخلفات الصلبة ، و التحكم أو الحد من المخاطر المحتملة من
الكيماويات و التلوث بمختلف أنواعه
- تشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال إل المنطقة العربية مع الأخذ بعين
الإعتبار الأهداف الإجتماعية و الإقتصادية و البيئية في الخطط و السياسات و
البرامج القطاعية و دعم الفرص الجديدة لتحقيق التنمية المستدامة و الحد من
الآثار السلبية على الصحة و البيئة 0
- تحديث التشريعات والقوانين ، ودعم منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ، و
تطوير أساليب الإنتاج والتسويق للمنتجات العربية ، لجعلها أكثر قدرة على
المنافسة في الأسواق العالمية ، وحماية حقوق المؤسسات الصغيرة و المتوسطة
الحجم بما في ذلك الصناعات والحرف التقليدية .
- إدخال تحسينات ملموسة في البنية التحتية والمؤسسية وتحديث وسائل
الإتصالات و المواصلات لتسيير إنتقال الأفراد و رؤوس الأموال و المعلومات
لتحقيق التكامل العربي ، وإرساء شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص و الحكومي
.
الحرص على الإنضمام إلى الإتفاقيات البيئية الدولية المتعددة الأطراف
بمايخدم المصالح العربية ، و تعزيز التعاون الإقليمي في مجال المحافظة على
البيئة ، و مساعدة الدول العربية والدول النامية الأخرى في التعامل مع
الآثار الإقتصادية و الإجتماعية المترتبة عن تنفيذ السياسات و البرامج
الدولية لمعالجة المشاكل البيئية العالمية و تعويضها بما يكفل عدم إعاقة
برامجها التنموية
المطلب 2 : الإنجازات و الإخفاقات
تحققت إنجازات كثيرة في مجال التنمية المستدامة في المنطقة العربية حسب
ماأكده تقرير الإعلان العربي عن التنمية المستدامة " الذي كان من بين
مواضيع جدول أعمال القمة العربية التي عقدت في بيروت " و شملت النواحي
الإقتصادية و الإجتماعية والبيئية و من هذه الإنجازات :
- إرتفاع مستوى دخل الفرد ، تحسين مستوى الخدمات الصحية والسكنية ، إنخفاض
مستوى الأمية ، زيادة حصة المرأة العربية في التعليم و فرص العمل ، و
إنخفاض نسبي في معدل النمو السكاني ، و إرتفاع متوسط عمر الفرد ، إنشاء
وتطوير المؤسسات التنموية و البيئية ، سن و تطوير التشريعات و بناء القدرات
، تعزيز التعاون الإقليمي خاصة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ،
تنفيذ مشاريع النقل و الربط الكهربائي و الغاز الطبيعي بين بعض الدول
العربية المختصة بالتعاون الإقليمي في مجالات التنمية والتخطيط والإقتصاد و
الزراعة البيئة و الصحة و الإعلام و الخدمات .
*المعوقات
أشار الإعلان إلى أنه بالرغم من النتائج الإيجابية التي تحققت ، فإن جهود
التنمية المستدامة في الوطن العربي تواجه معوقات جمة ، تمتد آثارها لسنوات
عدة من أهمها:
ـ عدم الإستقرار في المنطقة الناتج عن غياب السلام و الأمن و عدم تمكن
المجتمع الدولي من معالجة القضية الفلسطينية و الأراضي العربية المحتلة على
أساس من العدالة و في إطار القرارات الدولية ذات العلاقة ، كما ركز على
مشكلة الفقر في بعض الدول العربية ، التي تزداد حدة مع الأمية و البطالةو
تراكم الديون و فوائدها ، كما تعرض لإستمرار الإزدياد السكاني في المدن
العربية ، والهجرة من الأرياف إلى المناطق الحضرية و انتشار ظاهرة المناطق
العشوائية ، وتفاقم الضغوط على الأنظمة الإيكولوجية وعلى المرافق والخدمات
الحضرية وتلوث الهواء وتراكم النفايات .
كما أرجع ظاهرة الجفاف و زيادة التصحر إلى تعرض المنطقة العربية بصفة عامة
لظروف مناخية قاسية ، وخاصة انخفاض معدلات الأمطار عن المعدل العام و
ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف ، كما أشار إلى محدودية الموارد
الطبيعية و سوء إستغلاها ، بما فيها النقص الحاد في الموارد المائية و
تلوثها و ندرة الأراضي الصالحة للإستغلال في النشاطات الزراعية المختلفة .
- تحدث عن ضعف بعض المؤسسات التعليمية و البحثية العربية و تأخرها عن
مواكبة مسيرة التقدم العلمي و التقني في العالم و كذلك عن حداثة تجربة
المجتمع المدني و عدم مشاركته الفعالة في وضع و تنفيذ استراتيجيات و برامج
التنمية المستدامة
كما أشار إلى عدم ملاءمة بعض التقنيات و التجارب المستوردة من الدول
المتقدمة مع الظروف الإقتصادية والإجتماعية و البيئية في الوطن العربي ،
ونقص الكفاءات الوطنية القادرة على التعامل معها . كما أبرز نقص الموارد
المالية و تدني وضع البنية التحتية و الحصار الإقتصادي على بعض الدول
العربية ، كمعوقات رئيسية لمسيرة التنمية .
مطلب3 : مؤشر الاستدامة البيئية لعام 2005
صدر تقرير مؤشر الاستدامة البيئية لعام 2005 الذي تم إعداده من قبل فريق
استشاري من جامعتي يال وكولومبيا بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي
الذي يعقد حالياً في دافوس السويسرية. التقرير هو الثاني من نوعه بعد تقرير
عام 2002 الذي شمل 142 دولة في حين أن التقرير الحالي تضمن دراسة 146
دولة.
ووفقاً لما جاء في التقرير فإن مؤشر الاستدامة البيئية esi لعام 2005 يحدد
قدرة الأمم على حماية البيئة خلال العقود القادمة، وهو يقوم بذلك من خلال
تراكب 76 مسار من (الحفاظ على الموارد الطبيعية، ومستويات التلوث السابقة
والحالية، وجهود الإدارة البيئية، وقدرة المجتمع على تحسين أداءه البيئي)
مع 21 مؤشر حول الاستدامة البيئية.
يسمح هذا المؤشر بإجراء المقارنة من خلال خمسة مكونات أساسية للاستدامة:
النظم البيئية، الإجهادات البيئية، المقدرة الاجتماعية على الاستجابة
للتحديات البيئية، والمشاركة العالمية.
مؤشر الاستدامة وفقاً للعلامات
إن القضايا المبينة في المؤشرات والمتغيرات الضمنية تم اختيارها من خلال
المراجعة المعمقة للنتاج البيئي، وتقييم المعطيات المتوفرة، والتحليل
الدقيق، واستشارة صانعي السياسات والعلماء وخبراء المؤشرات.
يوفر مؤشر الاستدامة البيئية أداة صنع سياسة بيئية قوية لتعقب الأداء
البيئي الوطني وتسهيل التحليل المقارن للسياسة. وهو يدعم المزيد من
المقاربة الموجهة بالمعطيات والتجريبية في صناعة القرار.
في حين أن بعض المقاييس المطلقة للاستدامة ما تزال محيرة فإن العديد من
اعتبارات الاستدامة البيئية يمكن قياسها على أسس نسبية مع نتائج توفر
السياق لتقييم السياسة والحكم عليها. إن معايير كهذه ذات أهمية خاصة في
المحيط الجديد للجهود العالمية من أجل تحسين الاعتبارات القائمة على البيئة
ضمن أهداف الألفية للتنمية.
تفترض العلامات العليا في esi وجود اهتمام أفضل بالبيئة. إن الدول الخمسة
الأعلى ترتيباً هي فنلندا والنرويج والأورغواي والسويد وأيسلندا، وهي
جميعها تحافظ على مواردها الطبيعية بشكل سخي بالإضافة إلى قلة كثافة سكانها
وقدرتها على مواجهة تحديات التنمية مع بعض النجاحات.
تصنيف الدول حسب حدة المشاكل البيئية
أما الدول الأقل ترتيبا فهي كوريا الشمالية والعراق وتايوان وتركمانستان
وأوزبكستان، وهي تواجه قضايا كبيرة سواء أكانت طبيعية أو من صنع الإنسان
وهي لم تنظم خيارات سياستها بشكل ملائم وذلك وفقاً لما تضمنه التقرير.
لقد جاء ترتيب الدول العربية على مؤشر الاستدامة البيئية لعام 2005 مع المقارنة مع مؤشر 2002 كما يلي..
1. تونس 55 (تقدم 6 مراتب)
2. عمان 83 (تقدم 37 مرتبة)
4. الجزائر 96 (تراجع 26 مرتبة)
5. المغرب 105 (تراجع 33 مرتبة)
6. الإمارات 110 (تقدم 31 مرتبة)
7. مصر 115 (تراجع 41 مرتبة)
8. سوريا 117 (تراجع 10 مراتب)
9. موريتانيا 124 (-)
10. ليبيا 125 (تراجع مرتبة واحدة)
11. لبنان 129 (تراجع 23 مرتبة)
12. السعودية 136 (تقدم مرتبتين)
13. اليمن 137 (-)
14. الكويت 138 (تقدم 4 مراتب)
15. السودان 140 (تراجع 37 مرتبة)
16. العراق 143 (تراجع 4 مراتب)
إن حصول قفزات هائلة مثل تقدم الأردن 37 مرتبة وتراجع مصر 41 مرتبة خلال
ثلاثة أعوام فقط يطرح تساؤلات جدية حول دقة المعطيات التي بنى عليها
التقرير استنتاجاته
المبحث 2:وا